للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقوله على أن لا تقر عليه، واذا كان الوكيل يملك الاقرار على الموكل بمقتضى الوكالة على النحو المذكور، فانه يملك الاقرار عليه فى مجلس القضاء وفى غير مجلس القضاء وهو ما كان يملكه الموكل، واذا أريد اسقاط‍ حق الوكيل فى الاقرار فالسبيل الى ذلك عند أبى يوسف ابطال الوكالة بعزل الوكيل عنها - كالتوكيل بالبيع على أن لا يقبض الوكيل الثمن أو لا يسلم المبيع يكون استثناء باطلا لأن ذلك غير داخل فى البيع الموكل فيه - وكذلك استثناء أطراف الحيوان فى البيع لا يصح لأنها تدخل فى العقد تبعا لا مقصودا، وقد نص فى الهداية على أن ما يجوز ايراد العقد عليه بانفراده يجوز استثناؤه. ولا يجوز استثناء الانكار فى هذه الوكالة أيضا عند أبى يوسف وان كان داخلا فى الخصومة ويتناوله لفظها قصدا وحقيقة اذ الانكار خصومة ومنازعة - وذلك لأنه يكون حينئذ استثناء مستغرقا واستثناء الشئ من نفسه وهو باطل كما سيأتى:

أما عند الامام محمد رحمه الله فيصح استثناء الاقرار أو الانكار فى الوكالة بالخصومة أيهما شاء لأن المراد بالخصومة فى هذه الوكالة الجواب مجازا - اذ الحقيقة وهى المنازعة مهجورة شرعا للنهى عنها فى قوله تعالى: «وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ ١» فهى مستعملة فى مطلق الجواب مجازا، والجواب كما يكون بالاقرار يكون بالانكار، فيكون كل منهما ثابتا باللفظ‍ قصدا فيجوز استثناؤه موصولا لا مفصولا لأنه يكون بيان تغيير - وأما اذا أريد بالخصومة معناها اللغوى وهو المنازعة فيكون الاستثناء فى هذه الحالة بيان تقرير لأنه فى معنى التأكيد لمنع احتمال المجاز وهو مطلق الجواب كأنه قال وكلتك فى الانكار ولم أوكلك فى الاقرار ويجوز حينئذ أن يكون منفصلا ومتراخيا. وتدل بعض العبارات على أن هذا الشرط‍ شرط‍ فى كون الاستثناء متصلا وحقيقة، وجاء فيها أن الشرط‍ أن يكون المستثنى بعضا من المستثنى منه أو من جنس المستثنى (٢) منه، وقد صرح صاحب مسلم الثبوت بأن هذا الشرط‍ متفق عليه وانما نسب الى الحنفية لأنه ذكر فى كتبهم.

ويتصل بهذا اختلاف العلماء فى صحة الاستثناء من غير الجنس .. قال الغزالى فى المستصفى: الشرط‍ الثانى أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه كقوله رأيت الناس الا زيدا، ولا تقول رأيت الناس الا حمارا، أو تستثنى جزءا مما دخل تحت اللفظ‍ كقولك رأيت الدار الا بابها - ورأيت زيدا ألا وجهه، وهذا


(١) الاية رقم ٤٦ من سورة الانعام.
(٢) التوضيح وحاشية التلويح عليه ج‍ ٢ ص ٢٩٩، ٣١٠ الطبعة السابقة وأصول البزدوى وكشف الاسرار عليها ج‍ ٣ ص ٨٦٥ وما بعدها الطبعة السابقة ومسلم الثبوت ج‍ ١ ص ٣٢٦ الطبعة السابقة.