كسائر الشروط الاخرى ولهما أنه لا طريق للوصول الى معرفة مشيئة تعالى فكان ابطالا بخلاف بقية الشروط. وعلى كل لا يقع الطلاق فى مثل، أنت طالق ان شاء الله تعالى .. نعم تظهر ثمرة الخلاف فى مواضع: منها ما اذا قدم الشرط ولم يأت بالفاء فى الجواب كأن شاء الله أنت طالق فعندهما لا يقع لانه ابطال فلا يختلف، وعنده يقع لان التعليق لا يصح بدون الفاء فى موضع وجوبها، ومنها ما اذا حلف لا يحلف بالطلاق بأن قال لامرأته: أن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال: لها: أنت طالق ان شاء الله طلقت امرأته فى قول أبى يوسف لأنه يمين لوجود الشرط والجزاء. ولا تطلق على قول محمد لانه ليس يمين اذ هو عنده للابطال .. ثم نقل ابن عابدين عدة نقول بآراء بعض العلماء فى أن الخلاف بالعكس أى أن المشيئة ابطال عند أبى يوسف تعليق عند محمد .. ثم قال: والحاصل أن أبا يوسف قائل بأن المشيئة تعليق ولكن اختلف فى التخريج على قوله. فقيل: تلزمه الفاء فى الجواب كما فى بقية الشروط فيقع بدونها وقيل لا فلا يقع وان محمدا قائل بأنها ابطال واختلف فى التخريج على قوله، فقيل: انما تكون ابطالا أن صح الربط بوجود الفاء فى الجواب فلو حذفت فى موضع وجوبها وقع منجزا وهو معنى كونها حينئذ للتطليق وقيل انها عنده للابطال مطلقا فلا يقع وان سقطت الفاء أما أبو حنيفة فقيل مع أبى يوسف وقيل مع محمد.
وعلق على قوله - وقيل الخلاف بالعكس - بقوله: يعنى الخلاف فى أن التعليق بالمشيئة هل هو ابطال أو تعليق فقيل انه ابطال عند أبى يوسف تعليق عند محمد، ولم يذكر هذا القائل أبا حنيفة. وسواء قيل ان التعليق أو الابطال قول أبى يوسف أو قول غيره فالمفتى به عدم الوقوع.
وظاهر مما ذكرنا أن أئمة المذهب متفقون على أنه اذا ربط الطلاق بمشيئة الله تعالى وكان الربط تاما بين الشرط والجزاء بأن قال لزوجته أنت طالق ان شاء الله تعالى فلا يقع الطلاق. وقال محمد: أن ربط على الشرط يتحقق تمام الربط بينهما.
واختلفوا فى توجيه الحكم فقال أبو يوسف أنه تعليق على أمر لا يمكن الوقوف عليه فأن مشيئة الله لا يطلع عليها أحد فلا يقع الطلاق. وقال محمد: أن ربط الطلاق بمشيئة الله ابطال لحكم الصيغة من الاصل لأن التعليق يقتضى اعدام علية الصيغة للحكم الى وجود الشرط، والشرط هنا لا يعرف فكان اعداما من الاصل ولا يعتبر يمينا معلقة على المشيئة ..
أما أبو حنيفة فقد اختلف النقل عنه والراجح انه موافق للامام محمد … وكذلك يكون الحكم اذا قدم الشرط على الجزاء وأتى بالفاء فى الجواب بأن قال: ان شاء الله فأنت طالق حيث لا يقع الطلاق بالاتفاق لتمام الربط بالفاء بين الشرط والجزاء، فكان تعليقا أو ابطالا على الخلاف.