لفظ الاستطاعة بنية خلاف الظاهر ومن ثم يصدق المتكلم فى أنه أراد ذلك ديانة لا قضاء.
وفى شروح الهداية أن من حلف يمينا على شئ من فعل أو ترك وقال أن شاء الله متصلا بيمينه بأن قال: والله لا أوخل دار فلان غدا أن شاء الله أو والله لاصومن غدا ان شاء الله - فلا حنث عليه فى ذلك ان فعل المحلوف عليه فى الاول أو لم يفعله فى الثانى لعدم انعقاد اليمين مع الاستثناء وكذلك اذا أتى بصيغة النذر مع الاستثناء بأن قال: لله على أن أصوم غدا ان شاء الله لم يلزمه شئ لعدم انعقاد النذر.
وهذا قول أكثر أهل العلم، لقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما روى عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضى الله عنهم (من حلف على يمين وقال: ان شاء الله فقد برّ فى يمينه). وقوله صلى الله عليه وسلم (من حلف على يمين وقال:
ان شاء الله فلا حنث عليه) رواه أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه وقال الترمذى: حديث حسن .. ولانه تعليق للمحلوف عليه بمشيئة الله تعالى، فان من قال: والله لا أخرج اليوم ان شاء الله فقد علق خروجه بمشيئة الله تعالى فاذا خرج لا يحنث اذ المعنى ان شاء الله عدم الخروج لا أخرج فاذا خرج تبين أن الله تعالى لم يشأ عدم الخروج (١).
وكما أن الاستثناء بالمشيئة يمنع انعقاد اليمين والنذر ويبطل حكمهما فأنه يبطل كل ما يتعلق بالقول اذا استعمل فى انشاء العقود والتصرفات والالتزامات بصيغة الاخبار كان ذلك فى العبادات كالنذر فى الطاعات والقرب وكالاعتاق أو فى المعاملات كالطلاق والاقرار أما اذا كان بصيغة الامر كأن يقول اعتقوا عبدى بعد موتى ان شاء الله، أو بصيغة النهى كأن يقول لوكيله لاتبع لفلان ان شاء الله فان الاستثناء لا يصح ويبقى الامر والنهى قائمين ويكون للمأمور أن يعتق العبد، ويكون على الوكيل ألا يبيع لفلان … وقد أشير الى ذلك وذكر الفرق فى أول الكلام على أحكام الاستثناء فى الطلاق.
والاستثناء تصرف لفظى يتعلق بالاقوال والالفاظ على الوضع المذكور وبالصورة المشار اليها أما الاعمال التى محلها القلب كالنية فلا يتعلق بها استثناء ولا تجرى فيها أحكامه، فاذا نذر نذرا مطلقا أن يصوم أو تعلق بذمته صوم يشترط فيه تبييت النية من الليل، وعند حصول النية تلفظ بها مع استثناء متصل أى قال ان شاء الله متصلا بالنية - فأن هذا الاستثناء لا يؤثر فى النية ولا يبطلها فلو بقى على هذه النية التى اتصل بها الاستثناء وصام فعلا صح صومه لتحقق شرط النية الصحيحة فيه.
وقد قال البعض ان ذكر المشيئة عند نية العبادة ليس للاستثناء وانما هو للتبرك