للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمل به وسقط‍ الآخر أصلا فكذلك فى القياس والاستحسان. ويقول صدر الشريعة (١)، والاستحسان حجة عندنا لان ثبوته بالدلائل التى هى حجة اجماعا وقد أنكر بعض الناس العمل بالاستحسان جهلا منهم فان أنكروا هذه التسمية فلا مشاحة فى الاصطلاح وان أنكروه من حيث المعنى فباطل أيضا لانا نعنى به دليلا من الادلة المتفق عليها ليقع فى مقابلة القياس الجلى ويعمل به اذا كان أقوى من القياس الجلى فلا معنى لانكاره ثم أورد أقسامه التى سنذكرها بعد ليبرهن على عدم خروج الاستحسان عن الادلة المتفق عليها ومن تعليق السعد على ذلك أنه يقول بعد ما استقرت الآراء على أنه اسم لدليل متفق عليه نصا كان أو اجماعا أو قياسا خفيا اذا وقع فى مقابلة قياس تسبق اليه الافهام فهو حجة عند الجميع من غير تصور خلاف (٢).

ويقول الشاطبى المالكى فى الموافقات (٣):

ان مذهب مالك فى الاستحسان أنه الاخذ بمصلحة جزئية فى مقابلة دليل كلى كما نقلنا عنه ثم قال: ومقتضاه الرجوع الى تقديم الاستدلال المرسل على القياس فان من استحسن لم يرجع الى مجرد ذوقه وتشهيه وانما رجع الى ما علم من قصد الشارع فى الجملة فى أمثال تلك الاشياء المفروضة كالمسائل التى يقتضى القياس فيها امرا الا أن ذلك الامر يؤدى الى فوت مصلحة من جهة أخرى أو جلب مفسدة كذلك وكثيرا ما يتفق هذا فى الاصل الضرورى مع الحاجى، والحاجى مع التكميلى فيكون اجراء القياس مطلقا يؤدى الى حرج ومشقة فى بعض موارده فيستثنى موضع الحرج وكذلك فى الحاجى مع التكميلى أو الضرورى مع التكميلى وأورد عدة أمثلة للاستحسان ثم نقل عن ابن العربى عدة أمثلة لتأييد الاستحسان يقول بعض فقهاء الاستحسان فى العلم قد يكون أغلب من القياس ثم نقل ابن العربى عن ابن القاسم أنه يروى عن مالك القول بأن الاستحسان تسعة أعشار العلم ثم قال الشاطبى (٤): فهذا كله يوضح لك أن الاستحسان غير خارج عن مقتضى الادلة الا أنه نظر الى لوازم الادلة ومآلاتها سواء .. ونقل عن اصبغ أنه بالغ فى الاستحسان حتى قال: ان المعرفة فى القياس يكاد يفارق السنة وأن الاستحسان عماد العلم.

ومما قاله الامام الشافعى فى كتابه الام (٥) فى ابطال الاستحسان: اذا قال الحاكم والمفتى فى النازلة ليس فيها خبر ولا قياس استحسن فلا بد أن يزعم أن جائزا لغيره أن يستحسن خلافه فيقول كل حاكم فى بلد ومفت بما يستحسن. فيقال فى الشئ الواحد بضروب من الحكم والفتيا


(١) ج‍ ٣ ص ٢.
(٢) يراجع المبسوط‍. الام.
(٣) الموافقات ج‍ ٤ ص ١١٦.
(٤) الموافقات للشاطبى ج‍ ٤ ص ١١٨
(٥) الأم ج‍ ٧ ص ٣٧٣