للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العقل فى القسم الاول على البراءة من التكليف حتى يرد سمع.

ويقول فى القسم الثالث الذى هو استصحاب حكم دل الشرع على ثبوته ودوامه: أنه لولا دلالة الشرع على دوامه الى حصول براءة الذمة لما جاز استصحابه.

فالاستصحاب خاص بما دل الدليل على ذلك فيه بشرط‍ ألا يطرأ ما يغيره فاذا طرأ المغير زال الدوام وارتفع الاستصحاب.

وأما القسم الرابع الذى هو الاجماع فى محل الخلاف: أنه غير صحيح خلافا لبعض الفقهاء وذلك لان الخلاف فى مسألة المتيمم الذى رأى الماء فى صلاته قد رفع الاجماع على طهارته وصحة صلاته لان ذلك الاجماع كان قبل ذلك فلا معنى لاستصحاب شئ قد زال وارتفع.

والآمدى ينص فى كتاب الاحكام (١) على اختيار مذهب القائلين بصحة الاحتجاج به مطلقا فى الاثبات أو النفى وفى الامر العقلى والشرعى.

ويستدل لذلك بأن الشخص اذا تحقق وجود شئ أو عرفه فى حال من الاحوال فانه يستلزم ظن بقائه والظن حجة متبعة واستدل لذلك بما يأتى:

١ - أن الاجماع منعقد على أن الانسان لو شك فى وجود الطهارة ابتداء لا تجوز

له الصلاة حتى يتوضأ ولو شك فى بقاء الطهارة جازت له الصلاة من غير اعادة الطهارة.

٢ - أن العقلاء وأهل العرف اذا تحققوا وجود شئ أو عدمه وله أحكام خاصة به فانهم يطبقون عليه تلك الاحكام فى المستقبل الى مدد متطاولة ولولا أن الاصل بقاء ما كان لما ساغ لهم ذلك وأطال فى بحث ذلك.

واستدل البيضاوى وشارحه الاسنوى على صحة هذا المذهب بوجهين (٢).

الدليل الاول: ان ما ثبت فى الزمان الاول من وجود أمر أو عدمه ولم يظهر زواله لا قطعا ولا ظنا فانه يلزم بالضرورة أن يحصل الظن ببقائه كما كان والعمل بالظن واجب ولولا ذلك لكان يلزم منه ثلاثة أمور باطلة:

أحدها: عدم تقرير معجزة من معجزات الانبياء أصلا لانها خوارق للعادة فيتوقف القول بأنها خوارق على استمرار العادة لانه يجوز أن تتغيير العادة فلا تكون المعجزة خارقة لها، واستمرار العادة لا يثبت الا بناء على قاعدة أن الاصل بقاء ما كان.

الثانى: أن لا تثبت الاحكام الثابتة فى عهد النبى صلّى الله عليه وسلّم


(١) ح‍ ٤ ص ١٨٥ فما بعدها طبعة دار الكتب سنة ١٩١٤.
(٢) ح‍ ٣ ص ٦٣١ الاسنوى وبهامشه شرح البدخشى طبع صبيح.