للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كونها ضرورية وقطعية وكلية، وليس فى معناها ما لو تترس الكفار فى قلعة بمسلم اذ لا يحل رمى الترس اذ لا ضرورة، اذ يمكن العدول عن القلعة اذ لم نقطع بظفرنا بها اذ ليست قطعية بل ظنية،.

وليس فى معناها أيضا جماعة فى سفينة لو طرحوا واحدا لنجوا، لانها ليست كلية اذ يحصل بها هلاك عدو محصور، ولانه ليس يتعين واحد للاغراق الا أن يتعين بالقرعة ولا أصل لها - هنا.

وليس منها أيضا قطع اليد للاكلة - نحو الجذام - حفظا للروح لان المصلحة فيه ليست قطعية لاحتمال أن يكون القطع سببا ظاهرا فى الهلاك وأطال فى ذكر ومناقشة جزئيات من هذا الموضوع.

ومن هذه الدراسة يتبين أن الغزالى لا يعتبر المصلحة دليلا الا اذا كانت مرسلة وكانت ضرورية قطعية كلية.

أما كونها مرسلة فقد صدر كلامه بالنص عليها اذ يقول كما نقلنا عنه وقد اختلف العلماء فى اعتبار المصالح المرسلة.

وأما كونها ضرورية قطعية كلية فهو واضح من مسلكه فى شرح هذه المراتب.

يقول الاسنوى (١): ان رأى الغزالى أنه يؤخذ بالمصالح المرسلة ان كانت المصلحة ضرورية كلية قطعية.

وفسر الاسنوى الضرورية بما تكون احدى الضروريات الخمس.

وفسر القطعية بأنها هى التى يجزم بحصول المصلحة فيها.

وفسر الكلية بأنها التى تكون موجبة لفائدة عامة للمسلمين.

وسنتعرض لتفصيل مذاهب الاصوليين عند بيان أقسام المصلحة.

أما الشاطبى فمسلكه فى بيان مراتب المصلحة (٢) هو: أن المقاصد التى ينظر فيها قسمان.

أحدهما يرجع الى قصد الشارع والاخر يرجع الى قصد المكلف.

ثم قال: ان تكاليف الشريعة ترجع الى حفظ‍ مقاصدها فى الخلق وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام:

أحدها أن تكون ضرورية.

والثانى أن تكون حاجية.

والثالث أن تكون تحسينية.


(١) شرح الأسنوى على المنهاج ج‍ ٣ ص ١٣٦.
(٢) الموافقات ج‍ ٢ ص ٨٢.