شرع الحكم له أقسام: ضرورى فحاجى فتحسينى.
وعرف الضرورى بأنه ما تصل الحاجة فيه الى حد الضرورة ومثل لذلك بحفظ الدين والنفس والعقل والنسب والمال والعرض، وبين المحلى فى شرحه أن حفظ الدين شرع له قتل الكفار، وعقوبة الداعين الى البدع، وأن حفظ النفس شرع له القصاص، وان حفظ العقل شرع له حد السكر، وأن حفظ النسب شرع له حد الزنى وأن حفظ المال شرع له حد السرقة وحد قطع الطريق وان حفظ العرض شرع له حد القذف.
وقال: ان هذا زاده ابن السبكى والطوفى.
ثم قال ابن السبكى ويلحق بالضرورى مكمله كالحد فى قليل المسكر.
كما عرف المحلى الحاجى فى شرحه بأنه يحتاج اليه ولا يصل الى حد الضرورة.
ومثل له ابن السبكى بالبيع والاجارة اذ هما مشروعان للملك المحتاج اليه ولا يفوت بفواته لو لم يشرع شئ من الضروريات السابقة (١).
ثم قال: ان الحاجى قد يكون ضروريا فى بعض الصور كالاجارة لتربية الطفل.
وقال: ان مكمل الحاجى - أى الملحق
به - كخيار البيع الذى شرع للتروى تحقيقا للسلامة عن الغبن.
وعرف التحسينى بأنه ما استحسن عادة من غير احتياج اليه وقسمه قسمين.
الاول غير معارض للقواعد كسلب العبد أهلية الشهادة، ومعارض لها كالكتابة فانها غير محتاج اليها، اذ لو منعت لا تضر، لكنها مستحسنة فى العادة للتوصل بها الى العتق، وان كانت خارجة عن قاعدة امتناع بيع الشخص بعض ماله ببعض آخر.
أما التقسيم الثالث فهو ان الوصف ان اعتبر بنص أو اجماع سمى مؤثرا لظهور تأثيره بما اعتبر به، وان لم يعتبر بنص ولا اجماع، وانما اعتبر بترتيب الحكم على وفق الوصف سمى ملائما.
وكل من الوصف المؤثر والملائم يسمى فى اصطلاح الاصوليين بالمصلحة المعتبرة.
أما اذا كان الوصف المناسب غير معتبر لا بنص ولا باجماع، ولا بترتب الحكم على وفقه، فانه لا يخلو أمره اما أن يدل الدليل على الغائه، وهذا لا يعلل به، ومثل له بمواقعة الملك زوجته فى نهار رمضان، فان حاله يناسب التكفير ابتداء بالصوم ليرتدع به دون الاعتاق، اذ يسهل عليه بذل المال فى سبيل الشهوة، ويسمى هذا القسم
(١) جمع الجوامع ج ٢ ص ٢٩٩.