للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالغريب لبعده عن الاعتبار، وان لم يدل الدليل على الغائه كما لم يدل على اعتباره فهو المرسل ويعبر عنه بالمصالح المرسلة وبالاستصلاح.

واتجه ابن السبكى والمحلى فى تصوير الخلاف فى قبول هذا النوع أو رفضه الى أن الامام مالكا قبله مطلقا رعاية للمصلحة حتى جوز ضرب المتهم بالسرقة ليقر، وان كان الجلال المحلى قال ان ذلك معارض بأن المتهم قد يكون بريئا وأن ترك الضرب للمذنب أهون من ضرب البرئ، وكاد أمام الحرمين يوافقه على مناداته عليه بالنكير.

ووضح ذلك العطار فى حاشيته (١).

بأن قرب موافقة امام الحرمين لمالك من جهة أن كلا منهما اعتبر المصالح المرسلة، الا أن امام الحرمين قيد ما اعتبره منها بكونها مشبهة لما علم اعتباره شرعا، ومالك لم يقيد به.

وقال ابن السبكى والمحلى فى، هذا النوع: ان الاكثر من العلماء رده مطلقا لعدم ما يدل على اعتباره، وأورد أن قوما ردوه فى العبادات، لانه لا نظر فيها للمصلحة، بخلاف غيرها كالبيع والحد، ويرى ابن السبكى - خلافا للغزالى - أن المصلحة الضرورية الكلية القطعية ليست من هذا النوع لانها مما دل الدليل على اعتباره فهى حق قطعا

ومثل لها برمى الكفار الترس بأسر المسلمين كما مثل لها الغزالى.

وبهذا يتبين ان لابن السبكى مسلكا فى التقسيم، وايراد الخلاف يختلف عن مسلك الآخرين، كما أنه يبدو فيه الاستقلال بمذهب على حدة فى تطبيق مسألة التترس اذ عده من المصالح المعتبرة.

وقد اتجه فى مسلك ابن السبكى فى هذه التقسيمات السالمى الاباضى (٢).

وقد جعل هذا التقسيم للحكمة التى تشتمل عليها العلة وسماها جلب مصلحة ودفع مفسدة (٣).

وقد توسع فى ايراد أمثلة الاقسام فمثل لحفظ‍ الدين بمشروعية الجهاد وقتل الزنديق والمرتد والساحر وعقوبة أهل البدع.

ومثل فى حفظ‍ النفس بمشروعية القصاص والدية والعقوبة على من اتهم بالقتل.

ومثل فى حفظ‍ المال بحد السارق وقاطع الطريق وسائر أنواع الضمانات ومثل فى حفظ‍ العرض بحد القاذف واللعان.


(١) جمع الجوامع ح‍ ٢ ص ٢٩٩.
(٢) طلعة الشمس البهية ج‍ ٢ ص ١١٩ مطبعة الموسوعات بشارع باب الخلق بمصر.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ١١٢.