للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعتبره الشارع على تفاوت بينهم فى النظرة اليها، ومن هؤلاء الامام الشاطبى والامام ابن قيم الجوزية والعز بن عبد السّلام ثم نعقب بعد ذلك بمسلك الطوفى الذى توسع فى المصلحة حتى قدمها فى المعاملات على النص والاجماع.

واليك عبارات كتبهم التى تمثل ذلك.

يقول الشاطبى فى كتاب المقاصد (١):

ان وضع الشرائع انما هو لمصالح العباد فى العاجل والآجل معا … الى أن يقول (٢): تكاليف الشريعة ترجع الى حفظ‍ مقاصدها فى الخلق وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام: الضرورية، والحاجية والتحسينية، ثم صور كل قسم منها على غرار ما سبق لنا ايراده.

ثم أورد (٣): أن كل مرتبة من هذه المراتب ينضم اليها ما هو كالتتمة والتكملة مما لو فرضنا فقده لم يخل بحكمتها الاصلية، وأورد أمثلة لذلك.

ثم انتقل (٤) الى بيان أن كل تكملة لها من حيث هى تكملة شرط‍ وهو أن لا يعود اعتبارها على الاصل بالابطال، وذلك أن كل تكملة يقضى اعتبارها الى رفض أصلها فلا يصح اشتراطها عند ذلك لوجهين.

أحدهما. أن فى ابطال الاصل ابطال التكملة وبرهن على ذلك.

والثانى أنا لو قدرنا أن المصلحة التكميلية تحصل مع فوات المصلحة الاصلية لكان حصول الاصلية أولى لما بينهما من التفاوت. وأفاض الشاطبى فى بيان ذلك.

ثم أورد (٥) أن المقاصد الضرورية فى الشريعة أصل للحاجية والتحسينية فلو فرض اختلال الضرورى باطلاق لاختلا باختلاله باطلاق ولا يلزم من اختلالهما اختلال الضرورى باطلاق، نعم قد يلزم من اختلال التحسينى باطلاق اختلال الحاجى بوجه ما، وقد يلزم من اختلال الحاجى باطلاق اختلال الضرورى بوجه ما فلذلك اذا حوفظ‍ على الضرورى فينبغى المحافظة على الحاجى، واذا حوفظ‍ على الحاجى فينبغى ان يحافظ‍ على التحسينى، واذا ثبت أن التحسينى يخدم الحاجى، وان الحاجى يخدم الضرورى فان الضرورى هو المطلوب. فهذه مطالب خمسة:

أحدها: أن الضرورى أصل لما سواه من الحاجى والتكميلى.

والثانى ان اختلال الضرورى يلزم منه اختلال الباقين باطلاق.


(١) الموافقات ح‍ ٢ ص ٢
(٢) ج‍ ٢ ص ٣.
(٣) ج‍ ٢ ص ٥.
(٤) ج‍ ٢ ص ٦.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٨.