للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثالث أنه لا يلزم من اختلال الباقين اختلال الضرورى.

والرابع انه قد يلزم من اختلال التحسينى باطلاق أو الحاجى باطلاق اختلال الضرورى بوجه ما.

الخامس أنه ينبغى المحافظة على الحاجى وعلى التحسينى من أجل الضرورى، وأفاض فى بيان ذلك ولما كان كل من الوجهين الرابع والخامس يحتاج الى ايضاح فانا نذكر ما قاله فى بيان ذلك.

قال الشاطبى (١). بيان الرابع من أوجه أحدهما أن كل واحدة من هذه المراتب لما كانت مختلفة فى تأكد الاعتبار فالضروريات آكدها ثم تليها الحاجيات والتحسينات وكانت مرتبطا بعضها ببعض كان فى ابطال الاخف جرأة على ما هو آكد منه ومدخل للاخلال به فصار الاخف كأنه حمى للآكد، فالمخل بما هو مكمل كالمخل بالمكمل من هذا الوجه، ومثال ذلك الصلاة فان لها مكملات وهى هنا سوى الاركان والفرائض، ومعلوم أن المخل بها متطرق للاخلال بالفرائض والاركان، لان الاخف طريق الى الاثقل، وفى الحديث لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده.

ويقول بعضهم انى لاجعل بينى وبين الحرام سترة من الحلال ولا أحرمها - فالمتجرئ على الاخف بالاخلال به معرض للتجرؤ على ما سواه.

ثم قال: والوجه الثانى أن كل درجة بالنسبة لما هو آكد منها كالنفل بالنسبة الى ما هو فرض فستر العورة واستقبال القبلة بالنسبة الى أصل الصلاة كالمندوب اليه.

وقد تقرر فى كتاب الاحكام أن المندوب اليه بالجزء ينتهض أن يصير واجبا بالكل فالاخلال بالمندوب مطلقا يشبه الاخلال بالركن من أركان الواجب، لانه قد صار ذلك المندوب بمجموعه واجبا فى ذلك الواجب، ولو أخل الانسان بركن من أركان الواجب من غير عذر بطل أصل الواجب الى أن قال: الرابع ان كل حاجى وتحسينى انما هو خادم للاصل الضرورى ومؤنس له ومحصل لصورته الخاصة، اما مقدمة له أو مقارنا أو تابعا فهو أحرى أن يتأدى به الضرورى على أحسن حالة وبين ذلك بالامثلة ثم قال: فأنت ترى أن هذه المكملات الدائرة حول حمى الضرورى خادمة له ومقوية لجانبه فلو خلت عن ذلك أو عن أكثره كان خللا فيها، وعلى هذا الترتيب يجرى سائر الضروريات مع مكملاتها لمن اعتبرها.

ثم بين الشاطبى المطلب الخامس فقال (٢): انه ظاهر مما تقدم لانه اذا


(١) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ١٢.
(٢) الموافقات ج‍ ٢ ص ١٥.