اتبعنا الشافعى دون غيره لانا وجدنا قوله أرجح الاقوال وأعدلها لا أنا قلدناه.
قلت (النووى) هذا الذى ذكراه موافق لما أمرهم به الشافعى ثم المزنى فى أول مختصره وغيره بقوله: اختصرت هذا من علم الشافعى ومن معنى قوله لاقر به على من أراد مع اعلامه نهيه عن تقليده وتقليد غيره.
قال أبو عمرو دعوى انتفاء التقليد عنهم مطلقا لا يستقيم ولا يلائم المعلوم من حالهم أو حال أكثرهم.
وحكى بعض أصحاب الاصول منا أنه لم يوجد بعد عصر الشافعى مجتهد مستقل، ثم فتوى المفتى فى هذه الحالة كفتوى المستقل فى العمل بها والاعتداد بها فى الاجماع والخلاف.
(الحالة الثانية) أن يكون مجتهدا مقيدا فى مذهب امامه مستقلا بتقرير أصوله بالدليل غير أنه لا يتجاوز فى أدلته أصول امامه وقواعده.
وشرطه كونه عالما بالفقه وأصوله وأدلة الاحكام تفصيلا، بصيرا بمسالك الاقيسة والمعانى تام الارتياض فى التخريج والاستنباط قيما بالحاق ما ليس منصوصا عليه لامامه بأصوله، ولا يعرى عن شوب تقليد له لا خلا له ببعض أدوات المستقل بأن يخل بالحديث أو العربية، وكثيرا ما أخل بهما المقيد، ثم يتخذ نصوص أمامه أصولا يستنبط منها كفعل المستقل بنصوص الشرع، وربما اكتفى فى الحكم بدليل امامه، ولا يبحث عن معارض كفعل المستقل فى النصوص، وهذه صفة أصحابنا أصحاب الوجوه وعليها كان ائمة أصحابنا أو أكثرهم.
والعامل بفتوى هذا مقلد لامامه لا له.
ثم ظاهر كلام الاصحاب ان من هذا حاله لا يتأدى به فرض الكفاية.
قال أبو عمرو: ويظهر تأدى الفرض به فى الفتوى وان لم يتأد فى احياء العلوم التى منها استمداد الفتوى لانه قام مقام امامه المستقل تفريعا على الصحيح، وهو جواز تقليد الميت، ثم قد يستقل المقيد فى مسألة أو باب خاص كما تقدم.
وله أن يفتى فيما لا نص فيه لامامه بما يخرجه على أصوله، هذا هو الصحيح الذى عليه العمل واليه مفزع المفتين من مدد طويلة.
ثم اذا أفتى بتخريجه فالمستفتى مقلد لامامه لا له هكذا قطع به امام الحرمين فى كتابه الغياثى وما أكثر فوائده.