للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الصيمرى: لا يذكر الحجة أن أفتى عاميا ويذكرها أن أفتى فقيها كمن يسأل عن النكاح بلا ولى فحسن أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا نكاح الا بولى» أو عن رجعة المطلقة بعد الدخول فيقول له راجعتها قال الله تعالى «وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ١ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»}.

قال ولم تجر العادة أن يذكر فى فتواه طريق الاجتهاد ووجهة القياس والاستدلال الا أن تتعلق الفتوى بقضاء قاض فيومئ فيها الى طريق الاجتهاد ويلوح بالنكتة وكذا اذا أفتى غيره فيها بغلط‍ فيفعل ذلك لينبه على ما ذهب اليه ولو كان فيما يفتى به غموض فحسن أن يلوح بحجة.

وقال صاحب الحاوى لا يذكر حجة ليفرق بين الفتيا والتصنيف.

قال ولو ساغ التجاوز الى قليل لساغ الى كثير ولصار المفتى مدرسا.

والتفصيل الذى ذكرناه أولى من اطلاق صاحب الحاوى المنع.

وقد يحتاج المفتى فى بعض الوقائع الى أن يشدد ويبالغ فيقول وهذا اجماع المسلمين (٢) أو لا أعلم فى هذا خلافا أو فمن خالف هذا فقد خالف الواجب وعدل عن الصواب أو فقد أثم وفسق أو وعلى ولى الامر أن يأخذ بهذا ولا يهمل الامر وما أشبه هذه الالفاظ‍ على حسب ما تقتضيه المصلحة وتوجبه الحال.

الثامنة عشرة: قال الشيخ أبو عمرو رحمه الله ليس له اذا استفتى فى شئ من المسائل الكلامية أن يفتى بالتفصيل بل يمنع مستفتيه وسائر العامة من الخوض فى ذلك أو فى شئ منه وان قل ويأمرهم بأن يقتصروا فيها على الايمان جملة من غير تفصيل ويقولوا فيها وفى كل ما ورد من آيات الصفات وأخبارها المتشابهة أن الثابت فيها فى نفس الامر ما هو اللائق فيها بجلال الله تبارك وتعالى وكماله وتقديسه المطلق فيقول ذلك معتقدنا فيها وليس علينا تفصيله وتعيينه وليس البحث عنه من شأننا بل نكل علم تفصيله الى الله تبارك وتعالى ونصرف عن الخوض فيه قلوبنا والسنتنا.

فهذا ونحوه هو الصواب من أئمة الفتوى فى ذلك وهو سبيل سلف الامة وأئمة المذاهب المعتبرة وأكابر العلماء


(١) الآية رقم ٢٢٨ من سورة البقرة.
(٢) المجموع شرح المهذب للنووى ج‍ ١ من ص ٥٢ إلى ص ٥٤ الطبعة السابقة.