للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتحقق الأب من ايقاع ما هدد به ان لم يفعل فأبرأه وثبت ذلك يكون الاسقاط‍ غير صحيح وللأب مطالبة الابن بالدين.

وفى موضع آخر (١) أن الاسقاط‍ لا يصح مع الاكراه فلو أكره الدائن على اسقاط‍ دينه عن مدينه لم يصح ولا يسقط‍ الدين.

وعدم الحجر للدين شرط‍ نفاذ عند الحنفية، لأن ابراء المحجور عليه بسبب الدين لمدينه صحيح عندهم، ولكن يتوقف نفاذه على اجازة الدائنين، لأن منعه من التصرف والتبرع انما هو لمصلحة الدائنين والمحافظة على حقوقهم، فاذا أجازوا تصرفاته وتبرعاته فقد أسقطوا حقهم، وينفذ التصرف والتبرع هذا مع ملاحظة أن الامام أبا حنيفة رحمه الله تعالى لا يرى الحجر للدين ولا يجيزه.

وانما يراه الصاحبان أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، وأثره عندهما هو المنع من التصرف فى ماله الذى تعلق به حق الدائنين والتبرع بشئ منه محافظة على حقوق هؤلاء الدائنين ولا أثر مطلقا لهذا الحجر على أهلية المدين المحجور عليه.

أما عند من يرى أن الحجر للدين يمس أهلية المحجور عليه ويؤثر فيها

من الفقهاء فان عدم الحجر للدين يعتبر شرط‍ صحة فى الاسقاط‍ لا شرط‍ نفاذ.

ويشترط‍ فى المسقط‍ أن يكون ذا ولاية وصفة فى الاسقاط‍ الذى يصدر منه بأن يكون هو صاحب الحق الذى يرد عليه الاسقاط‍ أو يكون وصيا عليه وفى هذه الحالة يقول الحنفية: اذا كان للصغير دين فصالح الوصى على بعضه وحط‍ البعض فان كان الدين قد وجب بعقد باشره الوصى بنفسه بصفته صح الصلح ويضمن الوصى القدر الذى حطه من الدين للصغير عند أبى حنيفة ومحمد.

ولا يصح عند أبى يوسف لأنه تبرع بالقدر المحطوط‍ وهو لا يملكه.

وان كان الدين قد وجب بعقد لم يباشره الوصى بل باشره غيره لا يصح الصلح عند الكل، لأنه بمنزلة الوكيل بالقبض حينئذ وهو لا يملك الاسقاط‍ (٢).

واذا كان لأيتام مبلغ معلوم من الدراهم بذمة عمهم، ولهم أم وصى عليهم من قبل القاضى، فأسقطت عن عمهم المبلغ المذكور الذى بذمته، والحال أن المبلغ المذكور لم يجب بعقد الأم لا يصح هذا


(١) المرجع السابق ص ٢٨٨.
(٢) أدب الاوصياء ص ٢٢٦.