تعالى فليس لأحد اسقاطها ولا العفو فيها اماما كان أو غيره.
ولا تجوز الشفاعة فيها بعد الوصول الى الحاكم والثبوت عنده بالدليل الشرعى البينة أو الاقرار أو النكول عند البعض فى بعض الحدود - حد القذف - لأنه حينئذ يكون طلبا لترك الواجب. ولذلك أنكر النبى صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد حين شفع فى المخزومية التى سرقت فقال «أتشفع فى حد من حدود الله؟».
أما قبل الوصول الى الحاكم والثبوت عنده فتجوز الشفاعة عند الرافع له الى الحاكم ليطلقه لأن وجوب الحد قبل ذلك لم يثبت فالوجوب لا يثبت بمجرد الفعل بل يجب على الامام بعد الثبوت عنده.
ويروى فى ذلك أن جماعة شكوا لصا ليرفعوه الى عثمان رضى الله عنه فتلقاهم الزبير فشفع فيه فقالوا: اذا رفع الى عثمان فاشفع فيه فقال: اذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع والمشفع (١).
وقد صرح الامام الطحطاوى الحنفى بأنه تجوز الشفاعة فى الحد بعد الوصول الى الحاكم وقبل الثبوت عنده.
وحكم حد القذف عند الحنفية كحكم سائر الحدود لأن المغلب فيه حق الشرع فلا يجوز العفو فيه.
جاء فى الخانية: رجل قذف محصنة أو محصنا وأراد المقذوف حد القذف فصالحه القاذف على دراهم مسماة أو على شئ آخر على أن يعفو عنه ففعل لم يجز الصلح حتى لا يجب المال وهل يسقط الحد؟ ان كان ذلك قبل أن يرفع الأمر الى القاضى بطل الحد وان كان ذلك بعد ما رفع الى القاضى لا يبطل الحد - والرجل اذا قذف امرأته المحصنة حتى وجب اللعان ثم صالحها على مال على ألا تطلب اللعان كان باطلا ولا يجب المال - وعفوها بعد الرفع باطل وقبل الرفع جائز.
والمراد من الرفع الوصول الى الحاكم والثبوت عنده بالدليل.
وفيها أيضا: ولو أن رجلا أخذ سارقا فى دار غيره فأراد أن يدفعه الى صاحب السرقة بعد ما أخرج السرقة من الدار فصالحه السارق على مال معلوم حتى كف عنه كان باطلا وعليه أن يرد المال على السارق ولو كان هذا من صاحب السرقة لا يجب على السارق ويبرأ عن الخصومة اذا دفع السرقة الى صاحبها ولو كان هذا الصلح من صاحب السرقة بعد ما رفع الى القاضى. ان كان بلفظ العفو لا يصح بالاتفاق وان كان بلفظ الهبة والبراءة عندنا يسقط القطع.
وفيها أيضا: رجل زنى بامرأة رجل فعلم الزوج فأراد حدها فصالحاه معا أو أحدهما على دراهم معلومة أو شئ آخر على أن يعفو عنهما كان باطلا. لا يجب المال وعفوه باطل سواء كان قبل الرفع أو بعده.