الله كتاب الشهادات بالكلام على الحيازة لأنها كالشاهد على الملك.
ونقل عن ابن رشد من سماع ابن القاسم - الحيازة لا تنقل الملك عن المحوز عنه الى الحائز باتفاق، ولكنها تدل على الملك كارخاء الستور ومعرفة العفاص والوكاء وما أشبه ذلك فيكون القول معها قول الحائز مع يمينه لقول النبى صلى الله عليه وسلم - من حاز شيئا عشر سنين فهو له، لأن المعنى عند أهل العلم فى قوله صلّى الله عليه وسلّم: هو له - أن الحكم يوجبه له بدعواه - فاذا حاز الرجل مال غيره فى وجهه مدة تكون فيها الحيازة عاملة وهى عشرة أعوام دون هدم ولا بنيان أو مع الهدم والبنيان على ما نذكره من الخلاف فى ذلك وادعاه ملكا لنفسه بابتياع أو صدقة أو هبة وجب أن يكون القول قوله فى ذلك مع يمينه وسواء ادعى صيرورة ذلك اليه من غير المدعى أو من المدعى، ولا خلاف فى ذلك حين يدعى البيع اما فى ادعاء الهبة والصدقة ففيه خلاف وقوله مع يمينه هو أحد قولين.
والحيازة أقسام: أضعفها حيازة الأب عن ابنه، وتليها حيازة الأقارب الشركاء بالميراث أو غيره، وتليها حيازة الأقارب فيما لا شركة فيه بينهم وحيازة الموالى والأختان الشركاء، وتليها حيازة الموالى والأختان فيما لا شركة فيه بينهم ثم حيازة الأجانب الشركاء ثم حيازة الأجانب فيما لا شركة فيه بينهم وهى أقواها.
والحيازة تكون بأشياء - أضعفها السكنى والازدراع ويليها الهدم والبناء والغرس والاستغلال ويليها التفويت بالبيع والهبة والصدقة والنحلة - والركوب فى الدابة كالسكنى فما يسكن وكالازدراع فيما يزرع والاستغلال فى ذلك كالهدم والبنيان فى الدور والغرس فى الأرض.
والكلام هنا فى حيازة الأجنبى غير الشريك وهى أقواها فان حاز عقارا دارا أو أرضا ولو بالسكنى والزرع عشر سنين - فان هذه الحيازة تمنع سماع دعوى شخص آخر ملكية العين المحوزة بشرط أن يكون حاضرا عالما بالملكية فان كان غائبا غيبة بعيدة مسافة سبعة أيام تسمع دعواه وان كانت قريبة مسافة أربعة أيام أو أقل فان كان له عذر يمنعه من الحضور فهو على دعواه والا فلا تسمع دعواه.
كما يشترط أن يكون ساكتا فى مدة الحيازة فان تكلم وطالب فيها لا يسقط حقه ويشترط أيضا ألا يكون هناك مانع من الكلام فلو كان هناك مانع يمنعه من الكلام كخوف من الحائز لكونه ذا سلطان أو مستندا الى ذى سلطان. أو دين عليه للحائز أو صغر أو سفه فلا يبطل حقه فى ذلك كله.
وتقدير مدة الحيازة بعشر سنين هو قول الأكثر.
وعن مالك أن الأمر فيها مفوض الى القاضى وتقديره حسب الظروف والأحوال.
وقيل أنها تقدر بسبع سنين فاذا تمت الحيازة على هذا الوضع وتوفرت الشروط المذكورة فلا تسمع دعوى المدعى على الحائز.