أن تخرج، فأتت النبى صلّى الله عليه وسلم، فقال: جذى عسى أن تصدقى أو تفعلى معروفا، قال الشافعى:
ونخل الأنصار قريب من منازلهم والجذاذ لا يكون الا نهارا، ورد ذلك فى البائن ويقاس بها المتوفى عنها زوجها، وكذا لها الخروج ليلا الى دار جارة، لغزل وحديث ونحوهما للتأنس بشرط أن ترجع وتبيت فى بيتها، لما رواه الشافعى والبيهقى رحمهما الله تعالى: أن رجالا استشهدوا بأحد، فقالت نساؤهم:
يا رسول الله: انا نستوحش فى بيوتنا فنبيت عند احدانا، فأذن لهن صلّى الله عليه وسلم أن يتحدثن عند احداهن فاذا كان وقت النوم تأوى كل واحدة، الى بيتها.
أما الرجعية فلا تخرج الا باذنه، لأنها مكفية بالنفقة، وكذا لو كانت حاملا، لوجوب نفقتها، فلا تخرج الا لضرورة أو باذنه، وكذا لبقية حوائجها، كشراء قطن، كما قاله السبكى، ولو كانت للبائن من يقضى حوائجها لم تخرج الا لضرورة.
ويجوز الخروج ليلا لمن احتاجت اليه ولم يمكنها نهارا، والأشبه كما بحثه ابن شهبة فى الرجوع الى محلها العادة.
ومعلوم أن شرط الخروج مطلقا أمنها.
وتنتقل من المسكن (١) لخوف من هدم أو غرق على نفسها، أو مالها وان قل، أو اختصاصها فيما يظهر، أو خوف على نفسها من فساق لجوارها، فقد أرخص صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة بنت قيس فى الانتقال حيث كانت فى مكان مخيف كما رواه أبو داود أو تأذت بالجيران أو تأذوا هم بها أذى شديدا الا يحتمل عادة كما هو ظاهر والله أعلم للحاجة الى ذلك.
وقد فسر ابن عباس وغيره قوله تعالى «إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» بالبذاءة على الأحماء أو غيرهم، وفى رواية لمسلم أن فاطمة بنت قيس كانت تبذو على أحمائها، فنقلها النبى صلى الله عليه وسلم الى بيت أم مكتوم، وحيث نقلت سكنت فى أقرب الأماكن الى الأول، كما قاله الرافعى عن الجمهور.
وقال الزركشى: المنصوص فى الأم أن الزوج يحصنها حيث رضى لا حيث شاءت.
وأفهم تقييد الأذى بالشديد عدم اعتبار القليل وهو كذلك، اذ لا يخلو منه أحد، ومن الجيران الأحماء، وهم أقارب الزوج، نعم ان اشتد أذاها بهم أو عكسه، وكانت الدار ضيقة نقلهم الزوج عنها، كما لو كان المسكن لها، وكذا لو كانت بدار أبويها وبذت عليهم نقلوا دونها، لأنها أحق بدار أبويها، كما قاله الأذرعى، ولعل المراد أن الأولى نقلهم دونها.
(١) نهاية المحتاج لابن شهاب الدين الرملى ج ٧ ص ١٤٧، ص ١٤٨ الطبعة السابقة.