ومنها أن يكون مؤجلا: حتى لا يجوز السلم فى الحال لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: من أسلم فليسلم فى كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم. أوجب صلّى الله عليه وسلم مراعاة الأجل فى السلم كما أوجب مراعاة القدر فيه فيدل على كونه شرطا فيه كالقدر، ولأن السلم حالا يفضى الى المنازعة، لأن السلم بيع المفاليس، فالظاهر أن يكون المسلم اليه عاجزا عن تسليم المسلم فيه.
ورب السلم يطالب بالتسليم، فيتنازعان على وجه تقع معه الحاجة الى الفسخ. وفيه الحاق الضرر برب السلم، لأنه سلم رأس المال الى المسلم اليه وصرفه فى حاجته فلا يصل الى المسلم فيه ولا الى رأس المال، فشرط الأجل حتى لا يملك المطالبة الا بعد حل الأجل.
وعند ذلك يقدر على التسليم ظاهرا فلا يؤدى الى المنازعة المفضية الى الفسخ والاضرار برب السلم. ولأنه عقد لم يشرع الا رخصة لكونه بيع ما ليس عند الانسان، لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص فى السلم. فهذا الحديث يدل على أن بيع ما ليس عند الانسان لم يشرع الا رخصة وأن السلم بيع ما ليس عند الانسان أيضا على ما ذكرنا من قبل. والرخصة فى عرف الشرع اسم لما يغير عن الأمر الاصلى بعارض عذر الى تخفيف ويسر، كرخصة تناول الميتة وشرب الخمر بالاكراه والمخمصة ونحو ذلك، فالترخص فى السلم هو تغيير الحكم الاصلى، وهو حرمة بيع ما ليس عند الانسان الى الحل بعارض عذر العدم ضرورة الافلاس فحالة الوجود والقدرة لا يلحقها اسم قدرة الرخصة فيبقى الحكم فيها على العزيمة الاصلية فكانت حرمة السلم الحال على هذا التقرير مستفادة من النص كان ينبغى أن لا يجوز السلم من القادر على تسليم المسلم فيه للحال الا أنه صار مخصوصا عن النهى العام فالحق بالعاجز عن التسليم للحال على اعتبار الاصل والحاق النادر بالعدم فى أحكام الشرع (١).
ومنها أن يكون مؤجلا بأجل معلوم فان كان الاجل مجهولا فالسلم فاسد سواء كانت الجهالة متفاحشة أو متقاربة لان كل ذلك يفضى الى المنازعة وأنها مفسدة للعقد لجهالة القدر وغيرها، وأما مقدار الاجل فلم يذكر فى الاصل.
وذكر الكرخى أن تقدير الاجل الى العاقدين حتى لو قدرا نصف يوم جاز.
وقال بعض مشايخنا: أقله ثلاثة أيام قياسا على خيار الشرط.
وهذا القياس غير سديد لأن أقل مدة الخيار ليس بمقدر والثلاث أكثر المدة على أصل أبى حنيفة فلا يستقيم القياس.