للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن كان رأس المال عرضا وكان فى الذمة وجب أن تبين الصفات التى تختلف بها الأثمان، لأنه عوض فى الذمة غير معلوم بالعرف فوجب بيان صفاته كالمسلم فيه.

أما أن كان معينا ففيه قولان.

أحدهما: يجب أن تذكر صفاته ومقداره، لأنه لا يؤمن أن ينفسخ السلم بانقطاع المسلم فيه فاذا لم يعرف مقداره وصفته لم يعرف ما يرده.

والثانى لا يجب أن يذكر شئ من ذلك لأنه عوض فى عقد لا يقتضى رد المثل فوجب أن تغنى المشاهدة عن ذكر صفاته ومقداره كالمهر والثمن فى البيع.

وعليه فان كان رأس المال عرضا غير أنه لا يضبط‍ بالصفة كالجواهر وغيرها.

فعلى القول الأول لا يصح أن يجعل ذلك رأس مال فى السلم، لأنه يجب ذكر صفاته وذكر صفاته أمر غير ممكن.

وعلى القول الثانى يصح أن يجعل ذلك رأس مال لأنه معلوم بالمشاهدة (١).

وكما يجوز أن يكون رأس المال فى السلم من الأثمان وأن يكون عرضا، فانه كذلك يجوز أن يكون منفعة معلومة ذكر صاحب نهاية المحتاج من الشافعية أن الرويانى صرح بأنه يجوز أن يكون رأس مال المسلم منفعة معلومة - كما يجوز جعلها ثمنا وأجرة وصداقا - فيصح أن يقول رب السلم: أسلمت اليك منفعة هذا، أو منفعة نفسى سنة، أو خدمتى شهرا أو تعليمى سورة كذا فى كذا من الوقت (٢).

ثم بين صاحب نهاية المحتاج كيفية قبضها فقال: وتقبض بقبض العين الحاضرة ومضى زمن يمكن فيه الوصول للغائبة وتخليتها فى المجلس، لأن القبض فيه بذلك، اذ القبض الحقيقى لما تعذر اكتفى بهذا لأنه الممكن فى قبض المنفعة (٣).

ولا يجوز أن يكون رأس المال دينا فى ذمة المسلم اليه، فلو قال: أسلمت اليك المائة التى فى ذمتك مثلا فى كذا لم يصح السلم (٤).

والثالث: أن يكون المسلم فيه دينا، فلو قال: أسلمت اليك هذا الثوب، أو دينارا فى ذمتى فى هذا العبد فقبل فليس بسلم قطعا، لانتفاء الدينية ولو أسلم اليه ما ذكر فى سكنى هذه سنة لم يصح، بخلافه فى منفعة نفسه أو قنه أو دابته كما قال الاسنوى والبلقينى وغيرهما.

ووجهه أن منفعة العقار لا تثبت فى الذمة بخلاف غيره.

ولو قال: اشتريت منك ثوبا صفته كذا بهذه الدراهم، أو بدنانير فى ذمتى فقال بعتك انعقد بيعا اعتبارا باللفظ‍ وهو الأصح هنا كما صححه فى الروضة.

وقيل: انعقد سلما نظرا للمعنى واللفظ‍ لا يعارضه، لأن كل سلم بيع، كما أن كل صرف بيع، واطلاق البيع على السلم اطلاق


(١) المهذب لأبى اسحاق الشيرازى ج ١ ص ٣٠٠.
(٢) نهاية المحتاج للشافعى الصغير ج ٤ ص ١٨١، ص ١٨٢.
(٣) نفس المرجع السابق ج ٤ ص ١٨٢.
(٤) المرجع نفسه ج ٤ ص ١٨٠.