للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البحر، فالظاهر اشتراط‍ التعيين كما هو ظاهر كلام الأئمة وان توقف فيه بعضهم اذ هو ظاهر، وجزم به غيره: لأن من شرط‍ الصحة القدرة على التسليم وهو حال وقد عجز عنه فى الحال وحينئذ فلا فرق بين الحال والمؤجل اذا لم يكن الموضع صالحا فى اشتراط‍ التعيين ويدل عليه كلام الماوردى أيضا (١).

الخامس: أن يكون المسلم فيه مقدورا على تسليمه بلا كبير مشقة عند وجوب التسليم، وذلك بالعقد ان كان حالا، وبالحلول ان كان مؤجلا، لأن المعجوز عن تسليمه يمتنع بيعه فيمتنع السلم فيه، فان أسلم فى منقطع عند العقد أو الحلول كرطب فى زمن الشتاء لم يصح، وكذا لو ظن حصوله عند الوجوب لكن بمشقة عظيمة كقدر كثير من الباكورة (٢).

وذكر الخطيب أنه لو أسلم مسلم كافرا فى عبد مسلم لم يصح كذلك الا أن يكون العبد المسلم فى يد الكافر، ويكون السلم حالا فانه حينئذ يصح (٣).

وروى صاحب نهاية المحتاج: أن المسلم فيه ان كان يوجد ببلد آخر ولو بعيدا صح السلم فيه ان اعتيد نقله الى محل التسليم للبيع، للقدرة عليه حينئذ، وان لم يعتد نقله للبيع ونحوه - بأن كان نقله لذلك نادرا، أو لم ينقل أصلا، أو نقل لنحو هدية - فلا يصح السلم فيه لانتفاء القدرة عليه.

ولو أسلم فيما يعم وجوده فانقطع جميعه أو بعضه لجائحة أفسدته - وان وجد ببلد آخر وكان يفسد بنقله أو لا يوجد الا عند من لا يبيعه أصلا أو يبيعه بأكثر من ثمن مثله، أو كان ذلك البلد على مسافة القصر من بلد التسليم فى وقت حلوله وكذا بعده وان كان التأخير لمطله لم ينفسح فى الأظهر، لأن المسلم فيه يتعلق بالذمة فأشبه افلاس المشترى بالثمن.

وقيل ينفسخ كما لو تلف المبيع قبل القبض .. ولو وجده يباع بثمن غال ولم يزد على ثمن مثله وجب تحصيله.

وفى معنى انقطاعه ما لو غاب المسلم اليه وتعذر الوصول الى الوفاء مع وجود المسلم فيه فيتخير المسلم - ولو مع قول المسلم اليه خذ رأس مالك - بين فسخه فى جميعه دون بعضه المنقطع فقط‍، وبين الصبر حتى يوجد فيطالبه به دفعا للضرر. وخياره على التراخى، فلو أجاز ثم عن له الفسخ مكن منه، ولو أسقط‍ حقه من الفسخ لم يسقط‍.

ولو علم قبل وقت حلوله انقطاعه فلا خيار قبله، ولا ينفسخ بنفسه حينئذ فى الأصح فيهما، لأنه لم يدخل وقت وجوب التسليم.


(١) نهاية المحتاج ج ١ ص ١٨٤، ١٨٥.
(٢) نهاية المحتاج ج ٤ ص ١٨٨.
(٣) الاقناع ج ٢ ص ٢١.