رجل أو ميزانه وكانا معروفين عند العامة جاز ولم يختص بهما وان لم يعرفا لم يجز. وان أسلم فيما يكال وزنا أو أسلم فيما يوزن كيلا ففيه روايتان.
أحداهما لا يصح السلم كما نقل عنه الأثرم فقد قال: سئل أحمد عن السلم فى التمر وزنا فقال: لا الا كيلا قلت: ان الناس ههنا لا يعرفون الكيل.
قال وان كانوا لا يعرفون الكيل فعلى هذه الرواية لا يجوز فى المكيل الا كيلا ولا فى الموزون الا وزنا ذكره القاضى وابن أبى موسى، لأنه مبيع يشترط معرفة قدره فلم يجز بغير ما هو مقدر به فى الأصل كبيع الربويات بعضها ببعض ولأنه مقدر بغير ما هو مقدر به فى الاصل فلم يجز كما لو أسلم فى المذروع وزنا.
وثانية الروايتين يجوز السلم، فقد نقل المروزى عن أحمد أن السلم يجوز فى اللبن اذا كان كيلا أو وزنا وهذا يدل على أن السلم يباع فى المكيل وزنا وفى الموزون كيلا، لأن اللبن لا يخلو من أن يكون مكيلا أو موزونا وقد أجاز السلم فيه بكل منهما.
وهذا أصح ان شاء الله تعالى لأن الغرض معرفة قدره وخروجه من الجهالة وامكان تسليمه من غير تنازع، فبأى قدر قدره جاز ويفارق بيع الربويات، فان التماثل فيها بالكيل فى المكيل والوزن فى الموزون شرط ولا نعلم هذا الشرط اذا قدرها بغير مقدارها الأصلى.
اذا ثبت هذا فان الحبوب كلها مكيلة وكذلك التمر والزبيب والفستق والبندق والملح قال القاضى: وكذلك الادهان، وقال فى اللبن والسمن والزبد يجوز السلم فيها كيلا ووزنا ولا يسلم فى اللبأ الا وزنا لأنه يجمد عقيب حلبه، فلا يتحقق الكيل فيه.
فان كان المسلم فيه مما لا يمكن وزنه بالميزان لثقله كالارحية والحجارة الكبار يوزن بالسفينة فتترك السفينة فى الماء ثم يترك ذلك فيها فينظر الى أى موضع تغوص فيعلمه، ثم يرفع ويترك مكانه رمل أو حجارة صغار الى أن يبلغ الماء موضعه الذى كان بلغه ثم يوزن بميزان فما بلغ فهو زنة ذلك الشئ الذى أريد معرفة وزنه. ولا بد من تقدير المذروع بالذرع بغير خلاف نعلمه قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز فى الثياب بذرع معلوم.
وما عدا المكيل والموزون والحيوان والمذروع فعلى ضربين. معدود وغير معدود، فالمعدود نوعان.
أحدهما لا يتباين كثيرا كالجوز والبيض ونحوهما فيسلم فيه عددا، لأن التفاوت يسير ويذهب ذلك باشتراط الكبر أو الصغر أو الوسط فيذهب التفاوت وان بقى شئ يسير عفى عنه كسائر التفاوت فى المكيل والموزون المعفو عنه ويفارق