للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البطيخ فانه ليس بمعدود والتفاوت فيه كثير لا ينضبط‍.

النوع الثانى من المعدود ما يتفاوت كثيرا كالرمان والسفرجل والقثاء والخيار فهذا حكمه حكم ما ليس بمعدود من البطيخ والبقول ففيه وجهان أحدهما: يسلم فيه عددا ويضبطه بالصغر والكبر لأنه يباع هكذا.

والثانى: لا يسلم فيه الا وزنا لأنه لا يمكن تقديره بالعدد، لأنه يختلف كثيرا ويتباين جدا. ولا يصح أن يسلم فيه بالكيل، لأنه يتجافى فى المكيال، ولا يمكن تقدير البقول بالحزم، لأنه يختلف ويمكن حزم الكبيرة والصغيرة. فلم يمكن تقديره بغير الوزن فتعين تقديره به (١).

الشرط‍ الرابع: أن يكون مؤجلا أجلا معلوما له وقع فى الثمن كالشهر ونحوه فلا يصح السلم الحال فقد نص أحمد فى رواية المروزى أنه لا يصح السلم حتى يشترط‍ الأجل لقول النبى صلّى الله عليه وسلم: من أسلف فى شئ فليسلف فى كيل معلوم أو وزن معلوم الى أجل معلوم فأمر بالأجل وأمره يقتضى الوجوب، ولأنه صلّى الله عليه وسلّم أمر بهذه الأمور تبيينا لشروط‍ السلم ومنعا منه بدونها وكذلك لا يصح إذا انتفى الكيل والوزن فكذلك الأجل ولأن السلم انما جاز رخصة للرفق، ولا يحصل الرفق إلا بالأجل، فاذا انتفى الأجل انتفى الرفق، فلا يصح كالكتابة، ولأن الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه، أما الاسم فلأنه يسمى سلما وسلفا لتعجل أحد العوضين وتأخر الآخر، ومعناه أن الشارع أرخص فيه للحاجة الداعية إليه. ومع حضور ما يبيعه حالا لا حاجة إلى السلم، فلا يثبت ويفارق تنوع الأعيان، فانها لم تثبت على خلاف الاصل لمعنى يختص بالتأجيل، وما ذكروه من التنبيه غير صحيح، لأن ذلك انما يجزئ فيما اذا كان المعنى المقتضى موجودا فى الفرع بصفة التأكيد، وليس كذلك ههنا، فان البعد من الضرر ليس هو المقتضى لصحة السلم المؤجل، وانما المصحح له شئ آخر لم نذكر اجتماعهما فيه وقد بينا افتراقهما.

اذا ثبت هذا فانه ان باعه ما يصح السلم فيه حالا فى الذمة صح ومعناه معنى السلم، وانما افترقا فى اللفظ‍.

ثم أنه (٢) لا بد من أن يكون الاجل معلوما لقول الله تبارك وتعالى: «إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» (٣) وقول النبى صلى الله عليه وسلم: «إلى أجل معلوم» ولا نعلم فى اشتراط‍ العلم فى الجملة اختلافا.

فأما كيفيته فإنه يحتاج أن يعلمه بزمان بعينه لا يختلف، ولا يصح أن يؤجله الى الحصاد والجزاز وما أشبهه، لما روى عن ابن


(١) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٢٤ وما بعدها الى ص ٣٢٧.
(٢) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٢٧ وما بعدها الى ص ٣٢٩.
(٣) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.