للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال:

لا تتبايعوا الى الحصاد والدياس، ولا تتبايعوا إلا إلى شهر معلوم. ولأن ذلك يختلف ويقرب ويبعد، فلا يجوز أن يكون أجلا كقدوم زيد.

وعن أحمد رواية أخرى أنه قال: أرجو أن لا يكون به بأس.

وقال أحمد ان كان شئ يعرف مثل العطاء - فأرجو وكذلك إن قال إلى قدوم الغزاة وهذا محمول على أنه أراد وقت العطاء لأن ذلك معلوم فأما نفس العطاء فهو فى نفسه مجهول يختلف ويتقدم ويتأخر ويحتمل أنه أراد نفس العطاء لكونه يتفاوت أيضا فأشبه الحصاد.

ثم لا خلاف فى أنه لو جعل الأجل الى الميسرة لم يصح. واذا جعل الأجل إلى شهر تعلق بأوله. وإن جعل الأجل اسما يتناول شيئين مثل جمادى وربيع ويوم النفر تعلق بأولهما.

وإن قال: الى ثلاثة أشهر كان إلى انقضائها، لأنه إذا ذكر ثلاثة أشهر مبهمة وجب أن يكون ابتداؤها من حين لفظه بها، وكذلك لو قال الى شهر كان إلى أخره. وينصرف ذلك إلى الأشهر الهلالية بدليل قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (١)».

وأراد الهلالية وإن كان فى أثناء شهر كملنا شهرين بالهلال وشهرا بالعدد ثلاثين يوما وقيل: تكون الثلاثة كلها عددية.

وان قال محله شهر كذا أو يوم كذا صح وتعلق بأوله.

وقيل: لا يصح لأنه جعل ذلك ظرفا فيحتمل أوله وآخره.

والصحيح الأول (٢).

وكذلك لا بد من أن يكون الأجل مدة لها وقع فى الثمن كالشهر وما قاربه، لأن الاجل انما اعتبر ليتحقق الرفق الذى شرع من أجله السلم ولا يحصل ذلك بالمدة التى لا وقع لها فى الثمن، ولأن السلم انما يكون لحاجة المفاليس الذين لهم ثمار أو زروع أو تجارات ينتظرون حصولها ولا تحصل هذه فى المدة اليسيرة.

واذا جعل الأجل مقدرا بغير الشهور الهلالية فذلك قسمان:

أحدهما ما يعرفه المسلمون وهو بينهم مشهور مثل كانون وشباط‍ أو مثل عيد لا يختلف كالنيروز والمهرجان عند من يعرفهما: فظاهر كلام الخرقى وابن أبى موسى أنه لا يصح، لأنه أسلم الى غير الشهور الهلالية، فأشبه ما اذا أسلم الى الشعانين وعيد الفطير ولأن هذه لا يعرفها كثير من المسلمين.


(١) الآية رقم ٣٦ من سورة التوبة.
(٢) المغنى والشرح الكبير لابن قدامة ج ٤ ص ٣٢٩، ٣٣٠.