للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال القاضى يصح

والقسم الثانى ما لا يعرفه المسلمون كعيد الشعانين وعيد الفطير ونحوهما فهذا لا يجوز السلم اليه، لأن المسلمين لا يعرفونه، ولا يجوز تقليد أهل الذمة فيه، لأن قولهم غير مقبول، ولأنهم يقدمونه ويؤخرونه على حساب لهم لا يعرفه المسلمون.

وان أسلم الى ما لا يختلف مثل كانون الأول ولا يعرفه المتعاقدان أو أحدهما لم يصح لأنه مجهول عنده (١).

قال ابن قدامة: فان اختلف المسلم والمسلم إليه فى حلول الأجل فالقول قول المسلم اليه لأنه منكر (٢).

ولو أن المسلم اليه أتى بالمسلم فيه لرب السلم قبل محله ينظر فيه فان كان فى قبضه قبل محله ضرر ما لكونه مما يتغير كالفواكه، أو كان قديمه دون حديثه كالحبوب لم يلزم المسلم قبوله، لأن له غرضا فى تأخيره بأن يحتاج إلى أكله أو إطعامه فى ذلك الوقت وكذلك الحيوان، لأنه لا يأمن تلفه فيحتاج إلى الإنفاق عليه إلى ذلك الوقت وربما يحتاج إليه فى ذلك الوقت دون ما قبله، وهكذا إن كان مما يحتاج فى حفظه إلى مؤنة كالقطن ونحوه أو كان الوقت مخوفا يخشى نهب ما يقبضه فلا يلزمه الأخذ فى هذه الأحوال كلها، لأن عليه ضررا فى قبضه ولم يأت محل استحقاقه له فجرى مجرى نقص صفة فيه وإن كان مما لا ضرر فى قبضه بأن يكون لا يتغير كالحديد والرصاص والنحاس فإنه يستوى قديمه وحديثه ونحو ذلك الزيت والعسل ولا فى قبضه ضرر لخوف ولا تحمل مؤنة فعليه قبضه، لأن غرضه حاصل مع زيادة تعجل المنفعة فجرى مجرى زيادة الصفة وتعجيل الدين المؤجل (٣).

الشرط‍ الخامس: أن يكون المسلم فيه عام الوجود فى محله. ولا نعلم فيه خلافا، وذلك لأنه اذا كان كذلك أمكن تسليمه عند وجوب تسليمه، واذا لم يكن عام الوجود لم يكن موجودا عند المحل بحكم الظاهر، فلم يمكن تسليمه فلم يصح بيعه كبيع الآبق بل أولى فان السلم احتمل فيه أنواع من الغرر للحاجة فلا يحتمل فيه غرر آخر لئلا يكثر الغرر فيه فلا يجوز أن يسلم فى العنب والرطب الى شباط‍ أو أذار، ولا الى محل لا يعلم وجوده فيه كزمان أول العنب أو آخره الذى لا يوجد فيه الا نادرا فلا يؤمن انقطاعه.

ولا يجوز أن يسلم فى ثمرة بستان بعينه ولا قرية صغيرة لكونه لا يؤمن تلفه وانقطاعه. قال ابن المنذر: ابطال السلم اذا أسلم فى ثمرة بستان بعينه كالاجماع من أهل العلم لأنه اذا أسلم فى ثمرة بستان بعينه لم يؤمن انقطاعه وتلفه، فلم يصح، كما لو أسلم فى شئ قدره


(١) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٣٠، ٣٣١.
(٢) المغنى لابن قدامة ج ٤ ص ٣٥٢.
(٣) المغنى لابن قدامه ج ٤ ص ٣٤٦.