للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمكيال معين أو صنجة معينة أو أحضر خرقة وقال أسلمت اليك فى مثل هذه.

ولا يشترط‍ كون المسلم فيه موجودا حال السلم بل يجوز أن يسلم فى الرطب فى أوان الشتاء وفى كل يوم يكون معدوما فيه اذا كان موجودا فى المحل، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون فى الثمار السنة والسنتين فقال:

«من أسلف فليسلف فى كيل معلوم أو وزن معلوم وأجل معلوم». ولم يذكر الوجود، ولو كان شرطا لذكره ولنهاهم عن السلف سنتين، لأنه يلزم منه انقطاع المسلم فيه أوسط‍ السنة، ولأنه يثبت فى الذمة ويوجد فى محله غالبا، فجاز السلم فيه كالموجود.

واذا تعذر تسليم المسلم فيه عند المحل - أما لغيبة المسلم اليه. أو عجزه عن التسليم - حتى عدم المسلم فيه، أو لم تحمل الثمار تلك السنة، فالمسلم بالخيار بين أن يصبر الى أن يوجد فيطالب به، وبين أن يفسخ العقد ويرجع بالثمن ان كان موجودا أو بمثله ان كان مثليا والا قيمته.

وقيل: ينفسخ العقد بنفس التعذر لكون المسلم فيه من ثمرة العام، بدليل وجوب التسليم منها، فاذا هلكت انفسخ العقد، كما لو باعه قفيزا من صبرة فهلكت.

والأول الصحيح، فان العقد قد صح، وانما تعذر التسليم، فهو كما لو اشترى عبدا فأبق قبل القبض، ولا يصح دعوى التعيين فى هذا العام، فانهما لو تراضيا على دفع المسلم فيه من غيرها جاز وانما أجبر على دفعه من ثمرة العام لتمكنه من دفع ما هو بصفة حقه، ولذلك يجب عليه الدفع من ثمرة نفسه اذا وجدها ولم يجد غيرها، وليست متعينة وان تعذر البعض فللمشترى الخيار بين الفسخ فى الكل والرجوع بالثمن وبين أن يصبر الى حين الامكان ويطالب بحقه، فان أحب الفسخ فى المفقود دون الموجود فله ذلك، لأن الفساد طرأ بعد صحة العقد فلا يوجب الفساد فى الكل كما لو باعه صبرتين فتلفت احداهما.

وقيل: ليس له الفسخ الا فى الكل أو يصبر.

واذا أسلم نصرانى الى نصرانى فى خمر، ثم أسلم أحدهما فقال ابن المنذر:

أجمع كل من نحفظ‍ عنه من أهل العلم على أن المسلم يأخذ دراهمه، لأن الذى أسلم ان كان هو المسلم فليس له استيفاء الخمر، فقد تعذر استيفاء المعقود عليه، وان كل هو المسلم اليه فقد تعذر عليه ايفاؤه فصار الأمر الى رأس ماله (١).

الشرط‍ السادس: أن يقبض رأس مال السلم فى مجلس العقد، فان تفرقا قبل ذلك بطل العقد. وان قبض


(١) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٣٢ وما بعدها الى ص ٣٣٤.