للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك أيضا الخشب يسمون فيها الطول والعرض والجنس من الشجر، وكذلك الحجارة يبينون فيه العرض والطول والغلظ‍، وكذلك أن أسلم له القصاع فانه يبين وزنها وكم يسع عودها .. هذا كله على قول من جوز السلم فى هذا كله. وكذلك أيضا الحيوان يبينون أسنانها وجنسها وطولها ويكلون (يقدرون) من الرسغين الى الأوراك الى العظم الذى خلف الأذن، ويبينون لون الضأن وليس عليهم ذلك فى المعز، والدليل على أن الحيوان تثبت فى الذمة .. حديث أبى رافع. (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: استلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل بكرا فلما جاءته ابل الصدقة أمرنى أن نقضى الرجل بكره فقلت يا رسول الله لم أجد فى الابل الا جملا رباعيا خيارا فقال له النبى صلّى الله عليه وسلم: اقضه اياه فان خير الناس أحسنهم قضاءا.

وكذلك أيضا الرقيق على هذا المعنى يبينون جنسه ولونه وطوله وليس عليه فى العرض شئ ويكيلون من العظم الذى خلف الأذن الى الكعب. والنظر يوجب عندى أن السلم لا يجوز فى الحيوان لأنها وان كانت تضبط‍ فى صفات الخلق فانها غير مضبوطة فى صفات النفس (١).

سادسها: جاء فى شرح النيل أنه يشترط‍ لصحة عقد السلم أن يكون العقد بحضرة شاهدين أمينين أو ممن لا يتفق على بطلان شهادتهم.

ثم قال صاحب شرح النيل والحق عندى فى صحة السلم بلا شهود وانما الامر به فى الحديث بخصوصه «لما روى عن النبى صلى الله عليه وسلّم من أنه باع من أعرابى بعيرا فجحده الثمن بمشورة بعض المنافقين فلم يجد النبى صلّى الله عليه وسلم بينة عليه فجاء بخزيمة بن ثابت الأنصارى فقال: أنا أشهد لك عليه يا رسول الله فقال من أين علمت ذلك فقال لأنك صادق ولأنا نصدقك فى خبر السماء فسمى ذا الشهادتين فلو كان النبى صلّى الله عليه وسلّم أشهد عليه لم يفزع الى طلب من لم يعلم ذلك الحق ولو كان أيضا الاشهاد واجبا لم يتركه النبى صلّى الله عليه وسلّم والاشهاد على الدين ليس بواجب عند جمهور العلماء من اصحابنا غير أنهم أوجبوه فى السلم، لأن السلم مخصوص والمخصوص لا يصح الا بجميع شروطه والله أعلم. وفى قوله تعالى (٢) «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ}


(١) الايضاح ج ٣ ص ٢٢٥ وما بعدها الى ص ٢٢٧.
(٢) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.