للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليه أيضا فاذا قبض كان له حبسه حتى يستوفى الدراهم من الموكل. خلافا لزفر الذى يرى أن الوكيل ليس له الحق فى أن يحبس المسلم فيه، لأن الموكل صار قابضا بقبض الوكيل بدليل أن هلاك المسلم فيه فى يد الوكيل كهلاكه فى يد الموكل فكأنه قبض حقيقة ثم دفعه الى الوكيل اذ المقبوض أمانة فى يد الوكيل أما الثمن فهو دين له على موكله وليس للأمين أن يحبس الأمانة بدينه على صاحبها (١).

وان كان الوكيل هو الذى دفع رأس المال من مال الموكل وأخذ من أجل المسلم فيه كفيلا أو رهنا فهو جائز، لأن موجب الرهن انما يكون بثبوت حق الاستيفاء والوكيل يملك حق الاستيفاء حقيقة فيملك أخذ الرهن به، والكفالة تكون للتوثيق ولما كان الوكيل هو المطالب بالمسلم فيه فكان له أن يتوثق بأخذ الكفيل به لأنه ملك المطالبة فملك التوثق بالمطالبة.

فان حل السلم فأخره الوكيل مدة معلومة فقد ذكر السرخسى قولين للأحناف فى ذلك.

أحدهما - وهو قول أبى حنيفة ومحمد - يجوز له ذلك ويضمن طعام السلم (أى المسلم فيه) للموكل ..

وثانيهما - وهو قول أبى يوسف - لا يصح تأخيره، وكذلك ان أبرأ المسلم اليه عن طعام السلم (أى المسلم فيه) وهذا لأن طعام السلم أصل يقبل الابراء قبل القبض.

وأصل هذا فيما اذا عقد لنفسه، ثم أبرأه عن طعام السلم صح ابراؤه فى ظاهر الرواية.

وروى الحسن عن أبى حنيفة أنه لا يصح ما لم يقبل المسلم اليه، فاذا قبل كان فسخا لعقد السلم، لأن المسلم فيه مبيع وتمليك المبيع من البائع قبل القبض لا يجوز ما لم يقبل فاذا قبل انفسخ العقد كالمشترى اذا وهب المبيع من البائع قبل القبض (٢).

وذكر السرخسى أن أبا حنيفة ومحمد قالا: أنه يصح ابراء الوكيل عن المسلم فيه ويضمن مثله للموكل.

وأن أبا يوسف قال لا يصح ابراء الوكيل.

وكذلك روى هذا الخلاف فى المتاركة اذا تارك الوكيل السلم مع المسلم اليه (٣).

ويجوز أن يقبل الوكيل أدون من شرط‍ المسلم فيه، لأنه ابراء عن صفة الجودة ولو أبرأه عن أصله جاز وضمن للموكل مثل المسلم فيه عندهما فكذلك اذا رضى بدون حقه.


(١) المرجع السابق ج ١٢ ص ٢٠٣، ص ٢٠٤
(٢) المبسوط‍ ج ١٢ ص ٢٠٥ وما بعدها.
(٣) المرجع السابق ج ١٢ ص ٢٠٦.