للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويصح أن يقوم الوكيل بالتأجيل والمتاركة بالثمن فى حق المسلم اليه، لأن المسلم فيه دين والثابت به حق القبض مادام فى الذمة وهو حق الوكيل (١).

ونقل ابن عابدين فى حواشى البحر عن البزازية ان أقالة الوكيل بالسلم جائزة عند أبى حنيفة ومحمد. أى أن فيها خلافا. واذا قام الوكيل بعقد السلم - ثم أمر الموكل بأداء رأس المال وذهب الوكيل بطل السلم، لأن وجوب قبض رأس المال قبل الافتراق من حقوق العقد فيتعلق بالعاقد وهو الوكيل أما الموكل فى هذه الحالة فهو كأجنبى آخر فلا معتبر ببقائه فى المجلس بعد ذهاب العاقد ولا بذهابه هو اذا بقى المتعاقدان فى المجلس (٢).

واذا وكله فى أن يسلم له عشرة دراهم فى كر حنطة فأسلمها فى قفيز حنطة فهو جائز على الوكيل دون الموكل لأنه وكيل بالشراء - اذ المسلم فيه مبيع ورب السلم مشتر - والوكيل بالشراء لا يملك الشراء فى حق الموكل بالغبن الفاحش لما فيه من التهمة أنه باشر التصرف لنفسه ثم لما علم بالغبن أراد أن يلزمه الموكل فاذا نفذ العقد عليه ضمن للموكل كل دراهمه، لأنه قضى بدراهمه دين نفسه.

أما أن أسلمها فى حنطة يكون نقصانها عن رأس المال مما يتغابن الناس فى مثله جاز على الموكل، لأن العذر هنا لا يستطاع الامتناع عنه الا بحرج فكان عفوا فى تصرفه لغيره شراء كان أو بيعا (٣).

واذا دفع اليه عشرة دراهم وأمره أن يسلمها فى ثوب لم تصح الوكالة حتى يتبين الجنس، لأن الثياب أجناس مختلفة ومع جهالة الجنس لا يقدر الوكيل على تحصيل مقصود الموكل فيبطل التوكيل.

وذكر السرخسى أنه روى عن أبى يوسف قوله: ينظر الوكيل الى لباس الموكل، فاذا اشترى الوكيل من جنس لباس الموكل جاز، ويلزم الموكل، لأن الظاهر أن الانسان انما يأمر غيره بشراء الثوب ليلبسه فيعتبر بثيابه، فان سمى الموكل ثوبا يهوديا أو غيره جاز، لأن الجنس صار معلوما، وانما بقيت الجهالة فى الصفة ولا تأثير لجهالة الصفة فى العقود المبينة على التوسع والوكالة بهذه الصفة - فان خالفه الوكيل فأسلم فى غيره أو الى غير الأجل الذى سماه كان عاقدا لنفسه، وللموكل أن يضمنه دراهمه فان ضمنه اياها جاز السلم وان ضمنها المسلم اليه بطل السلم لانتقاض قبضه فى رأس المال بعد الانتقاض من الاصل (٤).


(١) المرجع السابق ج ١٢ ص ٢٠٨.
(٢) حاشية منحة الخالق على البحر الرائق ج ٦ ص ١١١ الطبعة الاولى بالمطبعة العلمية.
(٣) السرخسى ج ١٢ ص ٢٠٨.
(٤) المبسوط‍ ج ١٢ ص ٢٠٩ وما بعدها.