للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فامتنع رب السلم من قبوله لغرض صحيح بأن كان المسلم فيه حيوانا يحتاج لمؤنة قبل المحل ولهذه المؤنة وقع، واحتاج لها فى كراء محله أو حفظه أو كان رب السلم يترقب زيادة سعره عند حلول أجله فيما يظهر. أو كان ذلك الوقت وقت اغارة وان وقع العقد وقتها فيما يظهر، أو كان رب السلم يريد أن يأكله عند ما يحل وقته طريا .. اذا امتنع رب السلم من قبول المسلم فيه قبل أن يحل وقته لمثل هذه الأسباب لم يجبر على أن يقبله وان كان للمسلم اليه غرض لما يترتب عليه من الأضرار برب السلم.

فاذا لم يكن لرب السلم غرض صحيح يجعله يمتنع عن قبوله قبل أن يحل وقته وكان للمسلم اليه غرض صحيح فى أن يتعجل بأدائه مثل فك الرهن، أو براءة الضامن أو خوف انقطاع الجنس عند حلول الأجل .. «فى هذه الحالة يجبر رب السلم على قبول المسلم فيه، لأن امتناعه حينئذ تعنت».

وكذا يجبر على القبول فى الأظهر ان كان المسلم اليه قد أتى بالمسلم فيه لرب السلم لمجرد أنه يريد أن يبرئ ذمته.

ولو لم يكن للمسلم اليه غرض أصلا من تقديم المسلم فيه قبل أن يحل وقته وليس لرب السلم غرض يمتنع من أجله عن القبول فان امتنع من قبوله مع ذلك فالأوجه - على ما ذكره الرملى - أن يجبر على القبول، لما فى رفضه من التعنت.

وقيل: لا يجبر على القبول احترازا.

من المنة.

ولو أحضر المسلم فيه الحال فى مكان التسليم لغرض سوى ابراء الذمة كفك رهن أو براءة ضامن أجبر رب السلم على أن يقبله واذا كان لغرض البراءة أجبر على قبوله أو على الابراء، لأن امتناعه - وقد وجد مكان التسليم وزمانه - محض عناد، ومن ثم ضيق عليه بطلب الابراء بخلاف المؤجل والحال المحضر فى غير محل التسليم (١).

ولو تقرر أن يجبر رب السلم على قبول المسلم فيه لأى حكمة من الحكم المذكورة أو أمثالها ولكنه أصر على أن لا يقبله مع ذلك كان من حق المسلم اليه أن يسلمه الى الحاكم أمانة عنده لرب السلم وينال هو بذلك براءة ذمته.

وعلى ذلك قال الزركشى: لو أن رب السلم كان غائبا أخذ الحاكم المسلم فيه أمانة عنده لرب السلم (٢).

ولو كان المسلم فيه ثمرة فانقطعت فى محلها أو غاب المسلم اليه فلم يظهر حتى نفدت الثمرة ففيه قولان.


(١) نهاية المحتاج ج ٤ ص ٢١٢ وما بعدها.
(٢) المصدر السابق ج ٤ ص ٢١٣.