والقياس فيما اذا لم يكن لها رأى أن تغتسل فى كل ساعة، لأنه ما من ساعة الا ويتوهم أنه وقت خروجها من الحيض.
ولكن لو أخذنا بهذا كان فيه حرج بين فانها لا تتفرغ عن الاغتسال لشغل آخر دينى أو دنيوى فأمرناها بالاغتسال لكل صلاة لهذا.
وكان أبو على الدقاق رحمه الله تعالى يقول: هذا قياس أيضا.
والاستحسان أنها تغتسل لوقت كل صلاة، وزعم أن هذا هو قول محمد رحمه الله تعالى، لأن فى أمرنا أياها بالاغتسال لكل صلاة من الحرج ما لا يخفى.
فكما أن فى المستحاضة التى تعرف أيامها يقام الوقت مقام الصلاة حتى يكفيها فى كل وقت وضوء واحد.
فكذلك فى الاغتسال.
ولكن الأصح ما ذكر فى الكتاب من أنها تغتسل لكل صلاة، لأن اعتبار الحرج فيما لا نص فيه بخلافه.
والأثر هنا جاء بالاغتسال لكل صلاة، فان حمنة بنت جحش رضى الله تعالى عنها لما استحيضت سبع سنين أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل لكل صلاة فان كانت فيه قد نسيت أيامها فهو نص.
وان كانت تحفظ أيامها فلما أمرنا بالاغتسال لكل صلاة من حفظت أيامها فلمن نسيت أولى، وبه أمر حمنة بنت جحش، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف رضى الله تعالى عنه، وبه أمر سهلة بنت سهيل وكانت تحت أبى حذيفة رضى الله تعالى عنه فشق عليها ذلك، فأمرها أن تؤخر الصلاة الى آخر الوقت، ثم تصلى الظهر فى آخر الوقت والعصر فى أول الوقت بغسل واحد، ثم تؤخر المغرب الى آخر الوقت فتغتسل وتصلى المغرب فى آخر الوقت والعشاء فى أول الوقت بغسل واحد، ثم تغتسل للفجر، وبه أخذ ابراهيم النخعى رحمه الله تعالى.
وتأويله عندنا أنها تذكرت أن خروجها من الحيض كان يكون فى آخر هذه الأوقات.
وقال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: رفعت فتوى الى ابن عباس رضى الله تعالى عنهما بعد ما كف بصره فدفعه الى فقرأته عليه فاذا فيه: انى امرأة من المسلمين ابتليت بالدم وقد سألت عليا رضى الله تعالى عنه فأمرنى أن أغتسل لكل صلاة، فقال: وأنا أرى مثل ما رأى على رضى الله تعالى عنه، فلهذه الآثار أمرناها بالاغتسال لكل صلاة.