للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أن من أيقن بالوضوء وشك فى الحدث ابتدأ الوضوء، لأن الشك طرأ عليه فى هذه المسألة بعد دخوله فى الصلاة فوجب أن لا ينصرف عنها الا بيقين كما فى الحديث، ومسألة المدونة طرأ عليه الشك فى طهارته قبل دخوله فى الصلاة فوجب عليه أن لا يدخل فيها الا بطهارة متيقنة وهو فرق بين.

وقال أبو عمر فى حديث من شك فلم يدر أثلاثا صلى قال فى هذا الحديث أصل عظيم يطرد فى أكثر الأحكام وهو أن اليقين لا يزيله شك وأن الشئ مبنى على أصله المعروف حتى تزيله بيقين لا شك معه.

والأصل فى الظهر أربع ركعات فلا يبرئه الا بيقين مثله.

وقد غلط‍ بعضهم فظن أن الشك أوجب الاتيان بالركعة وهذا غلط‍ بل اليقين أنها أربع أوجب عليه اتمامها يرجحه حديث لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا فلم ينقله صلّى الله عليه وسلّم عن أصل طهارته المتيقنة بشك عرض له حتى يستيقن الحدث.

الا أن مالكا قال من أيقن بالوضوء وشك فى الحدث ابتدأ الوضوء ولم يتابعه على هذا غيره وخالفه ابن نافع وقال لا وضوء عليه وهو قول سائر الفقهاء.

وقال أبو الفرج الوضوء عند مالك فى ذلك انما هو استحباب واحتياط‍.

وقال فى موطئه فيمن وجد فى ثوبه احتلاما وقد بات فيه ليالى وأياما أنه لا يعيد صلاة ولا يغتسل الا من آخر نومة نامها.

وقال أبو عمر وهذا يرد قوله فيمن أيقن بالوضوء وشك فى الحدث أنه يتوضأ، وعبارة الباجى ما صلى قبل تلك النومة وهو فيها شاك، وهذا الشك انما طرأ بعد اكمال الصلاة وبراءة الذمة منها فيه قولان.

أحدهما: أنه غير مؤثر فيها كما لو سلم من الصلاة ثم شك هل أحدث بعد طهارته فلا شئ عليه لأنه شك طرأ بعد تيقن سلامة العبادة

والثانى: أن الشك يؤثر فيعيد من أول نومه.

وجاء فى الحطاب (١): أن من شك فى صلاته ثم بان الطهر لم يعد ولكن هل يؤمر بقطع الصلاة أو بالتمادى فيها؟ يجرى ذلك على القولين المتقدمين عن صاحب الطراز


(١) كتاب مواهب الجليل المعروف بالحطاب ج ١ ص ٣٠٣، الطبعة السابقة.