للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحنث فلا يزول عن يقين النكاح والملك بالشك.

فاما ان قال أحد الرجلين: ان كان غرابا فامرأته طالق ثلاثا، وقال الآخر:

ان لم يكن غرابا فامرأته طالق ثلاثا فطار ولم يعلما حاله فقد حنث أحدهما لا بعينه، ولا يحكم به فى حق واحد مهما بعينه، بل تبقى فى حقه أحكام النكاح من النفقة والكسوة والسكنى، لأن كل واحد منهما يقين نكاحه باق ووقوع طلاقه مشكوك فيه.

فأما الوط‍ ء فذكر القاضى أنه يحرم عليهما، لان احدهما حانث بيقين، وامرأته محرمة عليه، وقد أشكل، فحرم عليهما جميعا كما لو حنث فى احدى امرأتيه لا بعينها.

وان قال (١): ان كان غرابا فهذه طالق وان لم يكن غرابا فهذه الأخرى طالق، فطار، ولم يعلم حاله فقد طلقت احداهما، فيحرم عليه قربانهما، ويؤخذ بنفقتهما حتى تبين المطلقة منهما، لانهما محبوستان عليه لحقه.

وذهب أصحابنا الى أنه يقرع بينهما فتخرج بالقرعة المطلقة منهما.

والصحيح ان القرعة لا مدخل لها ههنا لما سنذكره فيما اذا طلق واحدة وأنسيها وهو قول أكثر أهل العلم.

فعلى هذا يبقى التحريم فيهما الى أن يعلم المطلقة منهما ويؤخذ بنفقتهما.

فان قال هذه التى حنثت فيها حرمت عليه ويقبل قوله فى حل الأخرى.

فان ادعت التى لم يعترف بطلاقها أنها المطلقة فالقول قوله، لانه المنكر، وهل يحلف؟ يخرج على روايتين.

واذا قال (٢) لزوجاته احداكن طالق ولم ينو واحدة بعينها أقرع بينهن فأخرجت بالقرعة المطلقة منهن.

وجملته أنه اذا طلق امرأة من نسائه لا بعينها فانها تخرج بالقرعة، نص عليه أحمد فى رواية جماعة.

وما ذكرناه مروى عن على وابن عباس رضى الله تعالى عنهما، ولا مخالف لهما فى الصحابة، ولانه ازالة ملك بنى على التغليب والسراية فتدخله القرعة كالعتق.

واذا قال لنسائه احداكن طالق غدا، فجاء غد، طلقت واحدة منهن، وأخرجت بالقرعة، فان مات قبل الغد ورثته كلهن وان ماتت احداهن ورثها لانها ماتت قبل وقوع الطلاق، فاذا جاء غد أقرع بين الميتة والاحياء، فان وقعت القرعة على الميتة لم يطلق شئ من الاحياء وصارت كالمعينة بقوله أنت طالق غدا.


(١) المرجع السابق ج ٨ ص ٤٢٧ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٨ ص ٤٢٨، ص ٤٢٩، ص ٤٣٠ الطبعة السابقة.