وقال القاضى قياس المذهب أن يتعين الطلاق فى الاحياء، فلو كانتا اثنتين فماتت احداهما طلقت الاخرى، كما لو قال لامرأته وأجنبية احداكما طالق.
والفرق بينهما ظاهر، فان الأجنبية ليست محلا للطلاق وقت قوله فلا ينصرف قوله اليها، وهذه قد كانت محلا للطلاق، وارادتها بالطلاق ممكنة، وارادتها بالطلاق كارادة الأخرى، وحدوث الموت بها لا يقتضى فى حق الأخرى طلاقا فتبقى على ما كانت عليه.
واذا طلق واحدة من نسائه (١) وأنسيها، فان أكثر أصحابنا على أنها تخرج بالقرعة فيثبت حكم الطلاق فيها ويحل له الباقيات.
وقد روى اسماعيل بن سعيد عن أحمد ما يدل على أن القرعة لا تستعمل ههنا لمعرفة الحل، وانما تستعمل لمعرفة الميراث.
فانه قال سألت أحمد عن الرجل يطلق امرأة من نسائه ولا يعلم أيتهن طلق؟ قال أكره أن أقول فى الطلاق بالقرعة.
قلت أرأيت ان مات هذا؟ قال:
أقول بالقرعة، وذلك لانه تصير القرعة على المال.
وجماعة من روى عنه القرعة فى المطلقة المنسية انما هو فى التوريث.
فأما فى الحل فلا ينبغى أن يثبت بالقرعة وهذا قول أكثر أهل العلم، فالكلام اذا فى المسألة فى شيئين أحدهما فى استعمال القرعة فى المنسية للتوريث.
والثانى فى استعمالها فيها للحل.
أما الأول فوجهه ما روى عبد الله بن حميد قال: سألت أبا جعفر عن رجل قدم من خراسان وله أربع نسوة قدم البصرة فطلق احداهن ونكح، ثم مات لا يدرى الشهود أيتهن طلق.
فقد قال على رضى الله عنه اقرع بين الاربع وانذر منهن واحدة وأقسم بينهن الميراث، ولان الحقوق اذا تساوت على وجه لا يمكن التمييز الا بالقرعة صح استعمالها كالشركاء فى القسمة والعبيد فى الحرية.
وأما القرعة فى الحل فى المنسية فلا يصح استعمالها، لانه اشتبهت عليه زوجته بأجنبية فلم تحل له احداهما بالقرعة كما لو اشتبهت بأجنبية لم يكن له عليها عقد، ولان القرعة لا تزيل التحريم من المطلقة، ولا ترفع الطلاق عمن وقع عليه، ولاحتمال كون المطلقة غير من خرجت عليها القرعة ولهذا لو ذكر ان المطلقة غيرها حرمت عليه، ولو ارتفع التحريم أو زال الطلاق لما عاد بالذكر فيجب بقاء التحريم بعد القرعة كما كان قبلها.
وقد قال الخرقى فيمن طلق امرأته
(١) المرجع السابق ج ٨ ص ٤٣١، ص ٤٣٢، ص ٤٣٣ الطبعة السابقة.