للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى قول من جعل له الانتساب الى أحدهما، لو انتسب الى أحدهما، ثم عاد وانتسب الى الآخر، ونفى نسبه من الأول، أو لم ينتسب الى أحد، لم يقبل منه، لأنه قد ثبت نسبه، فلا يقبل رجوعه عنه، كما لو ادعى منفردا نسبه، ثم انكره.

ويفارق الصبى الذى يخير بين أبويه، فيختار أحدهما، ثم يرد الآخر اذا اختاره، فانه لا حكم لقول الصبى، وانما تبع اختياره وشهوته، فأشبه ما لو اشته طعاما فى يوم، ثم اشته غيره فى يوم آخر.

وان قامت للآخر بنسبه بينة عمل بها، وبطل انتسابه، لأنها تبطل قول القافة الذى هو مقدم على الانتساب، فلأن تبطل الانتساب أولى.

وان وجدت قافة بعد انتسابه فألحقته بغير من انتسب اليه بطل انتسابه أيضا، لأنه أقوى فبطل به الانتساب كالبينة مع قول القافة.

ولو ادعى اللقيط‍ (١) رجلان، فقال أحدهما: هو ابنى وقال الآخر هو ابنى نظرنا فان كان ابنا فهو لمدعيه، وان كانت بنتا فهى لمدعيها، لأن كل واحد منهما لا يستحق غير ما ادعاه، وان كان خنثى مشكلا أرى القافة معهما، لأنه ليس قول واحد منهما أولى من الآخر.

وان أقام كل واحد منهما بينة على ما ادعاه فالحكم فيهما كالحكم فيما لو انفرد كل واحد منهما بالدعوى، لأن بينة الكاذب منهما كاذبة وجودها كعدمها، والأخرى صادقة فيتعين الحكم بها.

واذا ادعى نفران (٢) نسب صغير مجهول النسب، ثم قتلاه قبل إلحاقه بواحد منهما، فلا قصاص عليهما، لأنه يجوز أن يكون ابن كل واحد منهما أو ابنهما.

وان ألحقته القافة بأحدهما، ثم قتلاه، لم يقتل أبوه، وقتل الآخر، لأنه شريك الأب فى قتل ابنه، وان رجعا جميعا عن الدعوى لم يقبل رجوعهما، لأن النسب حق للولد، فلم يقبل رجوعهما عن اقرارهما به، كما لو أقر له بحق سواه أو كما لو ادعاه واحد فالحق به ثم جحده.

وإن رجع أحدهما صح رجوعه، وثبت نسبه من الآخر، لأن رجوعه لم يبطل نسبه، ويسقط‍ القصاص عن الذى لم يرجع، ويجب على الراجع، لأنه شارك الأب.


(١) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٦ ص ٤٠٦ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٩ ص ٣٦٢ الطبعة السابقة.