للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الا أن الشارع أباح التأجيل نظرا لصاحب الأجل، لضرورة العدم ترفيها له وتمكينا له من اكتساب الثمن فى مدة الأجل بقوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (١)».

ومن أمثلته أيضا شرط‍ الخيار ثلاثة أيام فما دونها، فان هذا الشرط‍ ليس بمفسد للعقد استحسانا، لما روى أن حبان بن منقذ كان يغبن فى التجارات فشكا أهله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: «اذا ابتعت فقل لا خلابة، ولى الخيار ثلاثة أيام، ولأن الحاجة ماسة اليه لدفع الغبن والتدارك عند اعتراض الندم، وسواء كان الشرط‍ للعاقد، أو لغيره، بأن شرط‍ الخيار لثالث عند أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد.

وقال زفر لا يجوز شرط‍ الخيار لغير العاقدين (٢).

٥ - اشتراط‍ ما جرى به التعامل: اذا اشترط‍ المتصرف أمرا لا يقتضيه العقد ولا يلائم مقتضى العقد، لكن للناس فيه تعامل، فالبيع جائز، كما اذا اشترى نعلا على أن يحذوه البائع، أو جرابا على أن يخرزه له خفا، أو ينعل خفه.

والقياس ألا يجوز وهو قول زفر.

وجه القياس أن هذا شرط‍ لا يقتضيه العقد، وفيه منفعة لأحد العاقدين، وأنه مفسد، كما اذا اشترى ثوبا بشرط‍ أن يخيط‍ البائع له قميصا ونحو ذلك.

ووجه الجواز أن الناس تعاملوا هذا الشرط‍ فى البيع كما تعاملوا الاستصناع فسقط‍ القياس بتعامل الناس كما سقط‍ فى الاستصناع (٣). وكاشتراط‍ البراءة عن العيوب بمعنى براءة البائع من العيوب التى تستوجب الرد بخيار العيب على الوجه التالى، فانه يجوز البيع، بشرط‍ البراءة عن كل عيب سواء سمى العيوب وعددها أولا، علمه البائع أو لم يعلمه وقف عليه المشترى أو لم يقف أشار اليه أولا موجودا كان عند العقد والقبض أو حدث بعد العقد قبل القبض عند أبى حنيفة وأبى يوسف فى رواية.

وقال محمد لا يدخل الحادث قبل القبض وهو رواية عن أبى يوسف وهو قول زفر.

وقال زفر اذا كان العيب مجهولا صح البيع وفسد الشرط‍.

وجه الجواز أن الابراء اسقاط‍ لا تمليك والاسقاط‍ لا تبطله الجهالة (٤).


(١) الآية رقم ٢٨٢ سورة البقرة ويراجع بدائع الصنائع ج ٥ ص ١٧٤ وفتح القدير ج ٥ ص ٢١٥.
(٢) بدائع الصنائع ج ٥ ص ١٧٤ وفتح القدير ج ٥ ص ٢١٥.
(٣) بدائع الصنائع ج ٥ ص ١٧٢.
(٤) فتح القدير ج ٥ ص ١٨٢ طبعة مصطفى محمد.