وكذلك يجوز اشتراط الخيار (انظر مصطلح خيار) مدة معلومة متصلة بالعقد المشروط فيه الخيار متوالية لا تزيد على ثلاثة أيام، لأن الأصل امتناعه، لكونه مخالفا لوضع البيع، فان الخيار يمنع نقل الملك أو لزومه.
وقد ثبت فى الثلاث بما روى فى الصحيحين عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما ان رجلا من الأنصار كان يخدع فى البيوع، فشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له اذا بايعت فقل لا خلابة، وفى رواية: فقل لا خلابة وأنت بالخيار فى كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال».
فثبت خيار المشترى بالنص، والحق به البائع بالقياس عليه، فبقى ما زاد على الأصل (١) ممنوعا.
اشتراط البراءة من العيوب فى المبيع:
ولو باع حيوانا أو غيره بشرط براءته من العيوب فى المبيع، أو قال بعتك على ألا ترد بعيب، فالأظهر أنه يبرأ عن عيب باطن بالحيوان، لم يعلمه البائع دون غيره .. فلا يبرأ عن عيب بغير الحيوان كالثياب والعقار مطلقا، ولا عن عيب ظاهر بالحيوان، علمه أم لا، ولا عن عيب باطن بالحيوان علمه، والمراد بالباطن مالا يطلع عليه غالبا.
والقول الثانى: يبرأ عن كل عيب عملا بالشرط.
والقول الثالث: لا يبرأ عن عيب ما للجهل بالمبرأ منه، وهو القياس.
وانما خرج منه على القول الأول صورة من الحيوان لما رواه مالك فى الموطأ، أن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما باع غلاما بثمانمائة درهم وباعه بالبراءة، فقال الذى ابتاعه وهو زيد بن ثابت، لعبد الله بن عمر، بالعبد داء لم تسمه لى، فاختصما الى عثمان رضى الله تعالى عنه، فقضى على ابن عمر أن يحلف لقد باعه العبد وما به داء يعلمه، فأبى عبد الله أن يحلف، وارتجع العبد فباعه بألف وخمسمائة.
وفى الشامل وغيره ان المشترى زيد بن ثابت كما أورده الرافعى، وان ابن عمر كان يقول: تركت اليمين لله فعوضنى الله عنها.
فقد دل قضاء عثمان رضى الله عنه على البراءة فى صورة الحيوان المذكورة، وقد وافق اجتهاده فيها اجتهاد الشافعى رضى الله تعالى عنه، وقال:
الحيوان يتغذى فى الصحة والسقم وتتحول طباعه، فقد لا ينفك عن عيب خفى أو ظاهر أى فيحتاج البائع فيه الى شرط البراءة ليثق بلزوم البيع فيما لا يعلمه من الخفى دون ما يعلمه مطلقا فى حيوان أو غيره لتلبيسه فيه، وما لم يعلمه من الظاهر فيهما «فى الحيوان وغيره» لندرة خفائه عليه، أو من الخفى فى غير الحيوان كالجوز واللوز اذ الغالب عدم تغيره بخلاف الحيوان.
(١) نفس المرجع ج ٢ ص ٤٦ (خيار الشرط)