للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنه برئ منه، والبيع بهذا الشرط‍ فاسد مفسوخ، لأنه انعقد على شرط‍ ليس فى كتاب الله تعالى فهو باطل ولأنه غش والغش محرم قال عليه السّلام:

«من غشنا فليس منا» وقال عليه السّلام «الدين النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم».

ومن باع بالبراءة من العيوب فلا يخلو من أن يكون أراد بذلك ألا يقام عليه بعيب ان وجد وأنه برئ منه فقد ذكرنا أن البيع باطل، أو يكون أراد فيه كل عيب فهذا باطل بيقين، لأن الحمى عيب وهى من حر والفالج عيب وهو من برد وهما متضادان، وكل بيع انعقد على الكذب والباطل، فهو باطل، ولا فرق فى هذا بين أن يسمى العيوب كلها أو بعضها أو لا يسميها (١).

ولا يجوز بيع شئ بأكثر مما يساوى، أو بأقل مما يساوى اذا اشترط‍ البائع أو المشترى السلامة الا بمعرفة البائع والمشترى معا بمقدار الغبن فى ذلك ورضاهما به.

فان اشترط‍ أحدهما السلامة ووقع البيع كما ذكرنا ولم يعلما قدر الغبن أو علمه غير المغبون منهما، ولم يعلمه المغبون، فهو بيع باطل، مفسوخ مضمون على من قبضه ضمان الغصب، وليس لهما اجازته الا بابتداء عقد ..

لقوله تعالى «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ» ولا يكون التراضى الا على قدر معلوم، ولا شك أن من لم يعلم بالغبن ولا بقدره لم يرض به (٢).

ومن باع سلعة بثمن مسمى حالة، أو الى أجل مسمى قريبا أو بعيدا فله أن يبتاع تلك السلعة من الذى باعها منه بثمن مثل الذى باعها به منه، وبأكثر منه وبأقل حالا والى أجل مسمى أقرب من الذى باعها منه اليه أو أبعد أو مثله كل ذلك حلال، ما لم يكن ذلك عن شرط‍ مذكور فى نفس العقد، فان كان عن شرط‍ فهو حرام مفسوخ محكوم فيه بحكم الغصب ..

لأنه شرط‍ ليس فى كتاب الله عز وجل (٣).

ولا يحل بيع سلعة مشتراة بشرط‍ أن يربحه للدينار درهما، ولا على أنى أربح معك فيه كذا وكذا درهما، فان وقع فهو مفسوخ أبدا، لأنه شرط‍ ليس فى كتاب الله تعالى، ولأنه بيع بثمن مجهول، لأنهما انما تعاقدا البيع على أنه يربح معه للدينار درهما ..

فهذا بيع الغرر الذى نهى عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (٤).


(١) المحلى ج ٩ ص ٤٤.
(٢) المحلى ج ٨ ص ٤٣٩ - ٤٤٢.
(٣) المحلى ج ٩ ص ٤٧ - ٥٢.
(٤) المحلى ج ٩ ص ١٤ - ١٥.