الآجلة قد كانا واجبين بقوله تعالى:
«فاكتبوه» الى قوله «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ١» ثم نسخ الوجوب بقوله تعالى:
«فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ» روى ذلك عن أبى سعيد الخدرى والشعبى والحسن.
وقال آخرون هى محكمة لم ينسخ منها شئ روى عن ابن عباس رضى الله عنهما لما سئل عن نسخ آية المداينة قال: لا والله ان آية الدين محكمة وما فيها نسخ.
وقال سعيد بن جبير (وأشهدوا اذا تبايعتم) يعنى: وأشهدوا على حقوقكم اذا كان فيها أجل أو لم يكن فيها أجل فاشهد على حقك على كل حال.
وقال ابن جريج: سئل عطاء أيشهد الرجل على أن بايع بنصف درهم؟ قال: نعم هو تأويل قوله تعالى: «وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ».
وقد روى عن الحسن والشعبى: ان شاء أشهد وان شاء لم يشهد لقوله تعالى:
«فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً»}.
وروى عن ابن عمر أنه كان اذا باع أشهد ولم يكتب. وهذا يدل على أنه رآه ندبا، اذ لو كان واجبا لكانت الكتابة مع الاشهاد، لأنه مأمور بهما فى الآية.
واستعرض الجصاص القول بالنسخ فى الآية لتضافر الأقوال بعدم وجوب الكتابة والاشهاد.
والقول بعدم النسخ لورود الحكمين من قوله (وأشهدوا اذا تبايعتم) وقوله (فان أمن بعضكم بعضا) معا وعدم ثبوت تاريخ نزولهما.
ورجع القول بأن الأمر بالكتابة والاشهاد ندب غير واجب.
ورد على القائلين بالوجوب.
ثم قال: ولا خلاف بين فقهاء الأمصار أن الأمر بالكتابة والاشهاد والرهن المذكور جميعه فى هذه الآية. ندب وارشاد الى ما لنا فيه الحظ والصلاح والاحتياط للدين والدنيا وأن شيئا منه غير واجب.
وقد نقلت الأمة خلفا عن سلف عقود المداينات والأشربة والبياعات فى أمصارهم من غير اشهاد مع علم فقهائهم بذلك من غير نكير منهم عليهم.
ولو كان الاشهاد واجبا لما تركوا النكير على تاركه مع علمهم به.
وفى ذلك دليل على أنهم رأوه ندبا ..
وذلك منقول من عصر النبى صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ..
(١) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.