للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيوجب ذلك جواز شهادة الرجل والمرأتين فى النكاح اذا كان المهر دينا مؤجلا، وفى الخلع والاجارة والصلح من دم العمد، وسائر ما كان هذا وصفه.

وغير جائز الاقتصار بهذه الأحكام على بعض الديون المؤجلة دون بعض مع شمول الآية لجميعها.

قوله تعالى: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ} (١)» هذا عطف على قوله فى أول الآية:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} (٢)» والخطاب فى الأولى للمؤمنين، والعطف عليه يقتضى ملاحظة هذا الوصف فى الشهود على المسلمين.

ويقتضى أيضا ملاحظة الحرية فيهم بفحوى الخطاب، لأن الخطاب فى الآية لمن تداينوا بدين. ولمن يملى ممن عليه الحق أى يقر بالدين. وذلك انما يكون من الأحرار دون العبيد، لأن العبد لا يملك عقود المداينات، واذا أقر بشئ لم يجز اقراره الا باذن مولاه، والخطاب موجه الى من يملك ذلك على الاطلاق من غير اذن الغير. فدل ذلك على شرط‍ الحرية فى الشهود.

وكذلك قوله (من رجالكم) يدل على اشتراط‍ الحرية.

وقد اختلفوا فى شهادة العبيد والصبيان والعميان هل تجوز وتقبل أو لا تجوز؟

واتفقوا على قبول شهادة النساء مع الرجال فى الأموال أخذا من هذه الآية.

واختلفوا فى قبولها مع الرجال فى غير الأموال.

فقال أبو حنيفة وأصحابه وعثمان البتى لا تقبل شهادة النساء مع الرجال، لا فى الحدود، ولا فى القصاص، وتقبل فيما عدا ذلك من سائر الحقوق.

لما روى عن عمر أنه أجاز شهادة النساء مع الرجال فى النكاح والطلاق والعتق ..

وقال مالك لا تجوز شهادة النساء مع الرجال فى الحدود والقصاص والطلاق والنكاح والانساب والولاء والاحضان.

وتجوز فى الوكالة والوصية اذا لم يكن فيها عتق.

وقال الثورى تجوز شهادتهن فى كل شئ الا الحدود.

وروى عنه أنها لا تجوز فى القصاص أيضا.

وقال الأوزاعى: لا تجوز شهادة رجل وامرأتين فى نكاح.

وقال الليث: تجوز شهادة النساء فى الوصية والعتق، ولا تجوز فى النكاح والطلاق والحدود وقتل العمد الذى يقاد منه.


(١) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.
(٢) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.