للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واختلف الناس فى عمله فى رد الشهادة.

قال شريح وابراهيم النخعى والحسن البصرى وأبو حنيفة: لا يعمل الاستثناء فى رد شهادته، وانما يزول بالتوبة فسقه عند الله تعالى، وأما شهادة القاذف فلا تقبل البتة ولو تاب وأكذب نفسه.

وقال الجمهور: الاستثناء عامل فى رد الشهادة، فاذا تاب القاذف قبلت شهادته وانما كان ردها لعلة الفسق وقد زال بالتوبة فتقبل قبل الحد وبعده.

وهو قول عامة الفقهاء.

وهل التوبة تحصل باكذاب القاذف نفسه فى القذف الذى حد فيه أو بالصلاح وحسن الحال وان لم يرجع عن قذفه.

بالأول قال عمر وفعله فى حادثة المغيرة.

وبالثانى قال مالك.

ويروى عن الشعبى أن الاستثناء يعمل فى الأحكام الثلاثة فاذا تاب وظهرت توبته لم يحد وقبلت شهادته وزال عنه التفسيق.

لأنه قد صار ممن يرضى من الشهداء.

وقد قال الله عز وجل «وَإِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى»}.

وهل تسقط‍ شهادة القاذف بنفس القذف أو بالحد خلاف؟

قال الليث والأوزاعى والشافعى ترد شهادته بالقذف وان لم يحد للفسق اذ القذف من الكبائر.

واذا تاب فعلى أى شئ تقبل توبته؟

قيل: تقبل فى كل شئ مطلقا حتى ما حد فيه، وكذلك كل من حد فى شئ من زنى أو قذف.

وقيل: تقبل فى غير ما حد فيه فمن حد فى زنى أو قذف لا تقبل شهادته فى مثل ما حد فيه.

والخلاف فى قبول شهادة المحدود فى القذف وعدم قبولها مبنى على الخلاف فى أن الاستثناء والشرط‍ والصفة بعد جمل معطوفة يعود الى الجميع أو الى الأخير.

فعند مالك والشافعى وأصحابهما يعود الى الجميع.

وعند أبى حنيفة وأكثر أصحابه يعود الى أقرب مذكور منه وهو فى الآية الفسق.

وذلك بناء على أن هذه الجمل المتعاطفة لها حكم الجملة الواحدة، لأن العطف شرك بينها فى الحكم أو لكل جملة حكم نفسها فى الاستقلال. وحرف العطف محسن لا مشرك. وهو الصحيح فى عطف الجمل لجواز عطف الجمل المختلفة بعضها على بعض.