للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجاء فى تفسير أحكام القرآن لأبى بكر الجصاص فى هاتين الآيتين ما يأتى:

اتفق الفقهاء على أن قوله تعالى:

«وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ» قد أريد به الرمى بالزنا وان كان فى فحوى اللفظ‍ دلالة عليه من غير نص، وذلك لأنه لما ذكر المحصنات وهن هنا العفائف دل ذلك على أن المراد بالرمى رميها بضد العفاف وهو الزنا.

ووجه آخر وهو قوله تعالى «ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ» على صحة ما رموا به.

ومعلوم أن هذا العدد من الشهود انما هو مشروط‍ فى الزنا، فدل على أن رمى المحصنات فى الآية انما هو بالزنا.

ويدل ذلك على معنى آخر وهو أن الرمى لابد أن يكون بصريح الزنا.

وقد أجمعوا على أن الرمى بالزنا مراد بهذه الآية فكان ذلك بمنزلة ذكره فى اللفظ‍.

وقد اختلفوا فى التعريض بالزنا.

فقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعى لا حد فيه.

وقال مالك فيه الحد.

ويروى أن عمر بن الخطاب استشار الصحابة وحد فى التعريض بقول شخص لأخر والله ما أبى بزان ولا أمى بزانية.

واختلف - هل يحد قاذف المجنون والصبى أو لا يحد.

فقال أبو حنيفة وأصحابه والحسن ابن صالح والشافعى: لا حد على قاذف المجنون والصبى.

وقال مالك. لا يحد قاذف الصبى وان كان مثله يجامع اذا لم يبلغ ويحد قاذف الصبية اذا كان مثلها تجامع وان لم تبلغ ويحد قاذف المجنون.

قوله تعالى «وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ»}.

حكم الله تعالى فى القاذف اذا لم يأت بأربعة شهداء بثلاثة أحكام.

أحدها: جلد ثمانين.

والثانى: بطلان الشهادة.

والثالث: الحكم بتفسيقه الى أن يتوب.

واختلف أهل العلم فى لزوم هذه الأحكام له وثبوتها عليه بالقذف بعد اتفاقهم على وجوب الحد عليه بنفس القذف عند عجزه عن اقامة البينة على الزنا.

فقال قائلون: قد بطلت شهادته ولزمته سمة الفسق قبل اقامة الحد عليه وهو قول الليث بن سعد والشافعى.