والثانى لا تقبل، لأنه بعقد الوكالة يملك الخصومة فيه ..
وان شهد الغريم لمن له عليه دين، وهو محجور عليه بالفلس، لم تقبل شهادته، لأنه يتعلق حقه بما يثبت له بشهادته ..
وان شهد له لمن له عليه دين وهو موسر قبلت شهادته، لأنه لا يتعين حقه فيما شهد به.
وان شهد له وهو معسر قبل الحجر ففيه وجهان.
أحدهما لا تقبل، لأنه يثبت له حق المطالبة.
والثانى تقبل، لأنه لا يتعلق بما يشهد له به حق.
ولا تقبل شهادة الوالدين للأولاد وإن سفلوا.
ولا شهادة الأولاد للوالدين وإن علوا.
وقال المزنى وأبو ثور تقبل. ووجهه قوله تعالى: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ»}.
فعمم ولم يخصص ولأنهم كغيرهم فى العدالة فكانوا كغيرهم فى الشهادة. وهذا خطأ، لما روى ابن عمر رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذى أحنة. والظنين المتهم.
وهذا متهم لأنه يميل اليه ميل الطبع - وقد وردت الأحاديث بما يدل على أن الولد بضعة من الوالد. والآية نخصها بما ورد فى ذلك.
وكونه كغيره فى العدالة يبطل بعدم قبول شهادته لنفسه مع أنه كغيره فى العدالة.
وتقبل شهادة أحدهما على الآخر فى جميع الحقوق.
ومن أصحابنا من قال: لا تقبل شهادة الولد على الوالد فى إيجاب القصاص وحد القذف لأنه لا يلزمه القصاص بقتله ولا حد القذف بقذفه فلا يلزمه ذلك بقوله.
والمذهب الأول، لأنه إنما ردت شهادته له للتهمة ولا تهمة فى شهادته عليه ..
ومن عدا الوالدين والأولاد من الأقارب كالأخ والعم وغيرهما تقبل شهادة بعضهم لبعض لأنه لم يجعل نفس أحدهما لنفس الآخر فى العتق ولا ماله كماله فى النفقة.
وان شهد (١) رجلان على رجل أنه جرح أخاهما وهما وارثاه قبل الاندمال لم تقبل
(١) المهذب فى فقه مذهب الامام الشافعى للشيخ الامام الزاهد الموفق أبى اسحاق ابراهيم ابن على بن يوسف الفيروزابادى الشيرازى ج ٢ ص ٣٢٩، ص ٣٣٠ وبهامشة النظم المستعذب فى شرح غريب المهذب للعلامة محمد ابن أحمد بن بطال الركبى طبع بمطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر مطبعة دار احياء الكتب العربية سنة ١٢٧٦ هـ بمصر.