من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله تعالى.
فان أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حد الله.
وان أظهره لم يأثم، لأن ما عزا والغامدية اعترفا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالزنا فرجمهما، ولم ينكر عليهما.
وأما التوبة فى الظاهر، وهى التى تعود بها العدالة والولاية، وقبول الشهادة فينظر فى المعصية.
فان كانت فعلا كالزنا والسرقة لم يحكم بصحة التوبة، حتى يصلح عمله مدة، لقول الله تبارك وتعالى «إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا»}.
وقدر أصحابنا المدة بسنة، لأنه لا تظهر صحة التوبة فى مدة قريبة، فكانت أولى المدد بالتقدير سنة، لأنه تمر فيها الفصول الأربعة التى تهيج فيها الطبائع، وتغير فيها الاحوال.
وأن كانت المعصية بالقول.
فان كانت ردة فالتوبة منها، أن يظهر الشهادتين.
وان كانت قذفا فقد قال الشافعى رحمه الله تعالى: التوبة منه اكذابه نفسه.
واختلف أصحابنا فيه.
فقال أبو سعيد الاصطخرى رحمه الله تعالى هو أن يقول: كذبت فيما قلت، ولا أعود الى مثله.
ووجهه ما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: توبة القاذف اكذابه نفسه.
وقال أبو اسحاق وأبو على بن أبى هريرة رضى الله تعالى عنهما: هو أن يقول:
قذفى له كان باطلا، ولا يقول: أنى كنت كاذبا لجواز أن يكون صادقا فيصير بتكذيبه نفسه عاصيا كما كان بقذفه عاصيا.
ولا تصح التوبة منه الا باصلاح العمل على ما ذكرناه فى الزنا والسرقة.
فاما اذا شهد عليه بالزنا ولم يتم العدد.
فان قلنا أنه لا يجب عليه الحد فهو على عدالته، ولا يحتاج الى التوبة.
وان قلنا أنه يجب عليه الحد وجبت التوبة، وهو أن يقول ندمت على ما فعلت، ولا أعود الى ما أتهم به.
فاذا قال هذا عادت عدالته، ولا يشترط فيه اصلاح العمل، لأن عمر