للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللغة ولا يجوز أبطاله ولا تغييره الى غير ما وضع له الا بدليل قاطع أو ضرورة داعية، ومعلوم أنه لا ضرورة الى ابطال هذه الصيغة ولا الى تغييرها ولا دليل سوى ذكر الوقت وأنه محتمل، وقد يذكر للوجوب فيه كما فى باب الصلاة، وقد يذكر لصحة الأداء كما فى الحج والأضحية، وقد يذكر للترفيه والتوسعة كما فى وقت الاقامة للمسافر والحول فى باب الزكاة فكان ذكر الوقت فى نفسه محتملا، فلا يجوز ابطال صيغة الايجاب الموجودة للحال مع الاحتمال، فبقيت الصيغة موجبة، وذكر الوقت للترفيه والتوسعة كيلا يؤدى الى ابطال الثابت بيقين الى أمر محتمل وبه تبين أن هذا ليس بايجاب صوم رجب عينا به هو ايجاب صوم مقدر بالشهر أى شهر كان فكان ذكر رجب لتقرير الواجب لا للتعيين فأى شهر اتصل الأداء به تعين ذلك الشهر للوجوب فيه وان لم يتصل به الأداء الى رجب تعين رجب لوجوب الأداء فيه فكان تعيين كل شهر قبل رجب باتصال الأداء بشهر قبله كما فى باب الصلاة انها تجب فى جزء من الوقت غير عين وانما يتعين الوجوب بالشروع ان شرع فيها وان لم يشرع الى آخر الوقت تعين آخر الوقت للوجوب وهو الصحيح من الأقاويل على ما عرف فى أصول الفقه (١)، وكما فى النذر المطلق عن الوقت وسائر الواجبات المطلقة عن الوقت من قضاء رمضان والكفارة وغيرهما أنها تجب فى مطلق الوقت فى غير عين وانما يتعين الوجوب اما باتصال الأداء به واما بآخر العمر اذا صار الى حال لو لم يؤد لفات بالموت.

ثم النذر المضاف الى وقت لا يخلو من أن يضاف الى وقت مبهم أو أن يضاف الى وقت معين.

فان أضيف الى وقت مبهم بأن قال:

لله على أن أصوم شهرا ولا نية له فحكمه هو حكم الأمر المطلق عن الوقت، واختلف أهل الأصول فى ذلك هل حكمه وجوب الفعل على الفور أم على التراخى؟

حكى الكرخى رحمه الله تعالى عن أصحابنا أنه على الفور.

وروى ابن شجاع البلخى عن أصحابنا أنه يجب وجوبا موسعا، فظهر الاختلاف بين أصحابنا فى الحج.

فعند أبى يوسف رحمه الله تعالى يجب على الفور.

وعند محمد رحمه الله تعالى على التراخى.


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لابى بكر ابن مسعود الكاسانى ج ٥ ص ٩٣، ص ٩٤ الطبعة الأولى طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍، سنة ١٩١٠ م.