الوسطى الأصبع كلها فعليه القصاص فى الأنملة الثالثة السفلى، لأنه لا شبهة له فى قطعها وعليه أرش العليا للأول على ما تقدم وأرش السفلى على الجانى لصاحبها لتعذر القصاص. وان عفا الجانى عن القصاص من السفلى وجب أرشها يدفعه اليه ليدفعه الى المجنى عليه بقطع أنملته السفلى.
وتؤخذ يد أو رجل كاملة الأصابع بيد أو رجل زائدة اصبعا لأن الزيادة عيب ونقص فى المعنى فلم يمنع وجودها القصاص كالسلعة وان تراضيا على أخذ الأصلية بالزائدة أو على عكسه بأخذ الزائدة بالأصلية، أو تراضيا على أخذ خنصر ببنصر أو على أخذ شئ من ذلك المذكور بما يخالف فى الاسم أو الموضع لم يجز، لأن الدماء لا تستباح بالاباحة والبدل فلا يحل لاحد قتل نفسه ولا قطع طرفه ولا يحل لغيره ذلك ببذله أى باباحته له لحق الله تبارك وتعالى، فان فعلا فقطع يسار جان من له قود فى يمينه بتراضيهما أو عكسه بأن قطع يمين جان من له قود يساره بتراضيهما أجزأت وسقط القود، لأن القود سقط فى الأولى باسقاط صاحبها وفى الثانية باذن صاحبها فى قطعها، وديتها مساوية قال له أبو بكر أو قطعها أى اليسار من له قود اليمين أو العكس متعديا أجزأت ولا قود لانهما متساويتان فى الدية والألم والاسم فتساقطا. ولان ايجاب السقوط يفضى الى قطع يد كل منهما واذهاب منفعة الجنس وكل من القطعين مضمون بسرايته لأنه عدوان أو قطع خنصر ببنصر أجزأت ولا ضمان لما سبق. أو قال المجنى عليه للجانى أخرج يمينه فأخرج يساره عمدا أو خطأ أو ظنا انها تجزى فقطعها أجزأت على كل حال. قال فى الانصاف، وهذا المذهب، ولم يبق قود ولا ضمان كقطع يسار السارق بدل يمينه حتى ولو كان أحدهما أى الجانى والمجنى عليه مجنونا لأنه لا يزيد على التعدى بخلاف ما اذا قطع يد انسان وهو ساكت لأنه لم يوجد منه البذل (١). فلو قطع من له خمس أصابع يد من له أقل من ذلك لم يجز القصاص لأنها فوق حقه.
وهل له أن يقطع من أصابع الجانى بعدد أصابعه؟ فيه وجهان.
ولا تؤخذ يد أو رجل ذات أظفار بما لا أظفار لها لزيادتها على حقه ولا بناقصة الاظفار حتى الجانى بذلك أولا لما تقدم من أن الدماء لا تستباح بالاباحة. فلو قطع من له خمس أصابع يد من له أربع أصابع فأقل، أو قطع من له أربع يد من له ثلاث أصابع فأقل فلا قصاص لعدم المساواة، أو قطع ذو اليد الكاملة يدا فيها اصبع
(١) كشاف القناع ج ٣ ص ٣٨٢ وما بعدها نفس الطبعة السابقة.