وأما على القول باستحبابها الذى هو المرجوح تكون مستحبة فيهما، وعليه يحمل ما مر عن القنية عن الترجمانى.
وأما كونها واجبة فى الوقت مندوبة بعده كما فهمه فى البحر وتبعه الشارح فلا دليل عليه.
وقد نقل الخير الرملى فى حاشية البحر عن خط العلامة المقدسى أن ما ذكره فى البحر يجب أن لا يعتمد عليه لاطلاق قولهم كل صلاة أديت مع الكراهة سبيلها الاعادة، لأنه يشمل وجوبها فى الوقت وبعده أى بناء على أن الاعادة لا تختص بالوقت، وظاهر ما قدمناه عن شرح التحرير ترجيحه.
وقد علمت أيضا ترجيح القول بالوجوب فيكون المرجح وجوب الاعادة فى الوقت وبعده.
ويشير اليه ما قدمناه عن الميزان من قوله يجب عليه الاعادة وهو اتيان مثل الأول ذاتا مع صفة الكمال، أى كمال ما نقصه منها، وذلك يعم وجوب الاتيان بها كاملة فى الوقت وبعده.
ثم هذا حيث كان النقصان بكراهة تحريم.
لما فى مكروهات الصلاة من فتح القدير:
أن الحق التفصيل بين كون تلك الكراهة كراهة تحريم فتجب الاعادة أو تنزيه فتستحب؟ أى تستحب فى الوقت وبعده أيضا.
ثم نبه ابن عابدين الى أنه يؤخذ من لفظ الاعادة ومن تعريفها أنه ينوى بالثانية الفرض، لأن ما فعل أولا هو الفرض فاعادته فعله ثانيا.
أما على القول بأن الفرض يسقط بالثانية فظاهر.
وأما على القول الآخر فلأن المقصود من تكريرها ثانيا جبر نقصان الأولى.
فالأولى فرض ناقص.
والثانية فرض كامل مثل الأولى ذاتا مع زيادة وصف الكمال.
ولو كانت الثانية نقلا لزم أن تجب القراءة فى ركعاتها الأربع وأن لا تشرع الجماعة فيها ولم يذكروه.
ولا يلزم من كونها فرضا عدم سقوط الفرض بالأولى، لأن المراد أنها تكون فرضا بعد الوقوع، أما قبله فالفرض هو الأولى.
وحاصله توقف الحكم بفرضيته الأولى على عدم الاعادة.
وله نظائر كسلام من عليه سجود السهو يخرجه خروجا موقوفا.
وكفساد الوقتية مع تذكر الفائتة.
وكتوقف الحكم بفرضية المغرب فى طريق المزدلفة على عدم اعادتها قبل الفجر.
وبهذا ظهر التوفيق بين القولين، وأن الخلاف بينهما لفظى، لأن القائل أيضا بأن الفرض هو الثانية أراد به بعد الوقوع، والا لزم الحكم ببطلان الاولى بترك ما ليس بركن ولا شرط.