للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبى صلّى الله عليه وسلّم ذلك له فقال.

يا رسول الله أجنبت فى ليلة باردة فخفت على نفسى الهلاك لو اغتسلت فذكرت ما قال الله تعالى: «وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً» (١): فتيممت وصليت بهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترون صاحبكم كيف نظر لنفسه ولكم ولم يأمره بالاعادة.

وقال ابو يوسف ومحمد ان كان فى المصر لا يجزئه ووجه قولهما أن الظاهر فى المصر وجود الماء المسخن والدفء فكان العجز نادرا فكان ملحقا بالعدم.

والمحبوس فى المصر (٢) فى مكان طاهر يتيمم ويصلى ثم يعيد اذا خرج.

وروى الحسن عن ابن حنيفة أنه لا يصلى بالتيمم وهو قول زفر.

وروى عن أبى يوسف أنه لا يعيد الصلاة.

ووجه رواية أبى يوسف أنه عجز عن استعمال الماء حقيقة بسبب الحبس فأشبه العجز بسبب المرض ونحوه فصار الماء عدما معنى فى حقه فصار مخاطبا بالصلاة بالتيمم فالقدرة بعد ذلك لا تبطل الصلاة المؤداة.

ووجه رواية الحسن أنه ليس بعادم للماء حقيقة وحكما.

أما الحقيقة فظاهرة.

وأما الحكم فلأن الحبس ان كان بحق فهو قادر على ازالته بايصال الحق الى المستحق وان كان بغير حق فالظلم لا يدوم فى دار الاسلام بل يرفع فلا يتحقق العجز فلا يكون التراب طهورا فى حقه.

ووجه ظاهر الرواية أن العجز للحال، قد تحقق الا أنه يحتمل الارتفاع فانه قادر على رفعه اذا كان بحق وان كان بغير حق فكذلك، لأن الظلم يدفع وله ولاية الدفع بالرفع الى من له الولاية فأمر بالصلاة احتياطا لتوجه الأمر بالصلاة بالتيمم، لأن احتمال الجواز ثابت، لاحتمال أن هذا القدر من العجز يكفى لتوجيه الأمر بالصلاة بالتيمم، وأمر بالقضاء فى الثانى، لأن احتمال عدم الجواز ثابت لاحتمال أن المعتبر حقيقة القدرة دون العجز الحالى فيؤمر بالقضاء عملا بالشبهين وأخذا بالثقة والاحتياط‍ وصار كالمقيد انه يصلى قاعدا، ثم يعيد اذا أطلق كذا هذا.

وأما المحبوس فى مكان نجس لا يجد ماء ولا ترابا نظيفا فانه لا يصلى عند أبى حنيفة.

وقال أبو يوسف يصلى بالايماء ثم يعيد اذا خرج.

وجاء فى البحر الرائق (٣): أنه لو وجد بئرا فيها ماء ولا يمكنه النزول اليه وليس معه


(١) الآية رقم ٢٩ من سورة النساء.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ٥٠ الطبعة السابقة.
(٣) البحر الرائق شرح كنز الدقائق للامام العالم فخر الدين عثمان الزيلعى ج ١ ص ١٥٠ الطبعة السابقة.