للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان تيمم لشدة البرد وصلى ثم زال البرد فان كان فى الحضر لزمه الاعادة، لأن ذلك من الأعذار النادرة.

وان كان فى السفر ففيه قولان.

أحدهما: لا يجب لأن عمرو بن العاص تيمم وصلى لشدة البرد وذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فلم يأمره بالاعادة.

والثانى: يجب لأن البرد الذى يخاف منه الهلاك ولا يجد ما يدفع ضرره عذر نادر غير متصل فهو كعدم الماء فى الحضر ومن صلى بغير طهارة لعدم الماء والتراب لزمه الاعادة لأن ذلك عذر نادر غير متصل فصار كما لو نسى الطهارة فصلى مع القدرة على الطهارة.

وجاء فى المجموع (١) أيضا أن المتطهر ان كان معه اناءان فأخبره رجل أن الكلب ولغ فى أحدهما قبل قوله ولم يجتهد، لأن الخبر مقدم على الاجتهاد كما نقوله فى القبلة.

وان اخبره رجل أنه ولغ فى هذا دون ذاك وقال آخر بل ولغ فى ذاك دون هذا حكم بنجاستهما لأنه يمكن صدقهما بأن يكون ولغ فيهما فى وقتين.

وان قال أحدهما ولغ فى هذا دون ذاك فى وقت معين وقال الآخر بل ولغ فى ذاك دون هذا فى ذلك الوقت بعينه فهما كالبينتين اذا تعارضتا.

وان قلنا انهما تسقطان سقط‍ خبرهما وجازت الطهارة بهما لأنه لم يثبت نجاسة واحد منهما وان قلنا لا تسقطان أراقهما أو صب أحدهما فى الآخر، ثم تيمم.

قال القاضى أبو الطيب وصاحب الشامل والتتمة وغيرهم فعلى هذا يتيمم ويصلى ويعيد الصلاة لأنه تيمم ومعه ماء محكوم بطهارته.

ووجه جريان الوقف أنه ليس هنا ما يمنعه بخلاف القسمة والقرعة.

ووجه قول المصنف لا يجئ الوقف القياس على من اشتبه عليه اناءان واجتهد وتحير فيهما فانه يريقهما ويصلى بالتيمم بلا اعادة لأنه معذور فى الاراقة ولم يقولوا بالوقف فكذا هنا فهذا ما ذكره الأصحاب.

واختار الشيخ أبو عمرو بن الصلاح أنه يجتهد على جميع أقوال الاستعمال، لأن قول المخبرين على هذا القول مقبول وقد اتفقا على نجاسة أحد الاناءين دون الآخر فيجب العمل بذلك.

واذا اشتبه ماءان (٢) طاهر ونجس ففيه ثلاثة أوجه.

الصحيح المنصوص الذى قطع به الجمهور وتظاهرت عليه نصوص الشافعى رحمه الله


(١) انظر كتاب المجموع شرح المهذب للامام العلامة الحافظ‍ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى المتوفى سنة ٦٧٦ هـ‍ ويليه فتح العزيز شرح الوجيز للامام الجليل أبى القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعى ج ١ ص ١٧٧ طبع مطبعة التضامن الأخوى ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٢٤ هـ‍.
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ١٨٠ وما بعدها الطبعة السابقة.