للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والظاهر ان الاصابة لم تتقدم زمان وجوده.

فأما منى غيره فلا يصيب ثوبه فالظاهر أنه منيه فيعتبر وجوده من وقت وجود سبب خروجه حتى أن الثوب لو كان مما يلبسه هو وغيره فيستوى فيه حكم الدم والمنى.

ومشايخنا قالوا فى البول يعتبر من آخر ما بال وفى الدم من آخر ما رعف وفى المنى من آخر ما احتلم أو جامع.

ووجه القياس فى المسألة أنه تيقن طهارة الماء فيما مضى وشك فى نجاسته.

لأنه يحتمل أنها وقعت فى الماء وهى حية فماتت فيه.

ويحتمل أنها وقعت ميتة بأن ماتت فى مكان آخر ثم القاها بعض الطيور فى البئر على ما حكى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى انه قال: كان قولى مثل قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى الى أن كنت يوما جالسا فى بستانى فرأيت حدأة فى منقارها جيفة فطرحتها فى بئر فرجعت عن قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى فوقع الشك فى نجاسة الماء فيما مضى فلا يحكم بنجاسته بالشك وصار كما اذا رأى فى ثوبه نجاسة ولا يعلم وقت اصابتها أنه لا يعيد شيئا من الصلوات كذا هذا.

ووجه الاستحسان: أن وقوع الفأرة فى البئر سبب لموتها والموت متى ظهر عقيب سبب صالح يحال به عليه كموت المجروح فانه يحال به الى الجرح.

وان كان يتوهم موته بسبب آخر واذا أحيل بالموت الى الوقوع فى الماء فأدنى ما يتفسخ فيه الميت ثلاثة أيام ولهذا يصلى على قبر ميت لم يصل عليه الى ثلاثة ايام وتوهم الوقوع بعد الموت احالة بالموت الى سبب لم يظهر وتعطيل للسبب الظاهر وهذا لا يجوز فبطل اعتبار الوهم والتحق الموت فى الماء بالمتحقق الا اذا قام دليل المعاينة بالوقوع فى الماء ميتا فحينئذ يعرف بالمشاهدة أن الموت غير حاصل بهذا السبب ولا كلام فيه.

وجاء فى الفتاوى الهندية (١): أن من وجد فى ثوبه نجاسة مغلظة أكثر من قدر الدرهم ولا يدرى متى أصابته لا يعيد شيئا من صلاته بالاجماع وهو الأصح كذا فى محيط‍ السرخسى والجوهرة النيرة.

ولو صلى فى جبة محشوة (٢) فوجد فى حشوها بعد الفراغ فأرة ميتة يابسة.

فان كان للجبة ثقب أو خرق أعاد صلاة ثلاثة أيام.

وان لم يكن للجبة ثقب أو خرق أعاد جميع ما صلى فى تلك الجبة كذا فى السراج الوهاج.

ولو دخل رجل فى الصلاة وفى كمه فرخة حية فلما فرغ من صلاته رآها ميتة.


(١) الفتاوى الهندية ج ١ ص ٦٠، ص ٦١ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ٦٢ الطبعة السابقة.