للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فان بذل اليمين بعد النكول لم يقبل فى هذه الدعوى لأنه أسقط‍ حقه منها.

فان عاد فى مجلس آخر واستأنف الدعوى وانكر المدعى عليه وطلب يمينه حلف فان حلف ترك وان نكل ردت اليمين على المدعى.

فاذا حلف حكم له لانها يمين فى غير الدعوى التى حكم فيها بنكوله فان كان له شاهد واختار أن يحلف المدعى عليه جاز وتنتقل اليمين الى جنبة المدعى عليه فان اراد أن يحلف مع شاهده لم يكن له فى هذا المجلس لأن اليمين أنتقلت عنه الى جنبه غيره فلم تعد اليه فان عاد فى مجلس آخر وأستأنف الدعوى جاز أن يقيم الشاهد ويحلف معه لأن حكم الدعوى الأولى قد سقط‍.

وان حلف المدعى عليه فى الدعوى الأولى سقطت عنه المطالبة وان نكل عن اليمين لم يقض عليه بنكوله وشاهد المدعى لأن للشاهد معنى تقوى جنبة المدعى فلم يقض به مع النكول من غير يمين كاللوث فى القسامة، وهل ترد اليمين على المدعى ليحلف مع الشاهد؟ فيه قولان:

أحدهما أنه لا ترد لانها كانت فى جنبته وقد أسقطها وصارت فى جنبة غيره فلم تعد اليه كالمدعى عليه اذا نكل عن اليمين فردت الى المدعى فنكل فانها لا ترد على المدعى عليه.

والقول الثانى وهو الصحيح انها ترد لأن هذه اليمين غير الأولى، لأن سبب الأولى قوة جنبة المدعى بالشاهد وسبب الثانية قوة جنبته بنكول المدعى عليه واليمين الأولى لا يحكم بها الا فى المال وما يقصد به المال، والثانية يقضى بها فى جميع الحقوق التى تسمع فيها الدعوى فلم يكن سقوط‍ احداهما موجبا بسقوط‍ الاخرى، فان قلنا انها لا ترد حبس المدعى عليه حتى يحلف أو يقر لأنه تعين عليه ذلك.

وان قلنا انها ترد حلف مع الشاهد واستحق (١) وان قال المدعى لى بينه غائبه وطلب يمين المدعى عليه أحلف لأن الغائبة كالمعدومة لتعذر اقامتها فان حلف المدعى عليه، ثم حضرت البينة وطلب سماعها والحكم بها وجب سماعها والحكم بها لما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه انه قال البينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة، ولأن البينة كالاقرار، ثم يجب الحكم بالاقرار بعد اليمين فكذلك بالبينة، وان قال لى بينة حاضرة ولكنى أريد أن أحلفه حلف لأنه قد يكون له غرض فى احلافه بأن يتورع عن اليمين فيقر، واثبات الحق أقوى وأسهل من اثباته بالبينة.

وان قال ليس لى بينة حاضرة ولا غائبة أو قال كل بينة تشهد لى فهى كاذبة وطلب احلافه فحلف ثم أقام البينة على الحق ففيه ثلاثة أوجه.


(١) المهذب لأبى اسحاق ابراهيم بن على ابن يوسف الفيروزابادى الشيرازى ج ٢ ص ٣٠٠ فى ٣٠١ فى كتاب بأسفله المنظم المستعذب فى شرح غريب المهذب محمد بن احمد ابن بطال الركبى، طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى بمصر ..