الشهود للحكومة ليقوى حكمه فجائز له أن يفعل ويؤخر الحكم أيضا حتى يرسل الى من يفتى له من أهل العلم.
وان مات المدعى أو تجنن أو هرب أو تبين له أنه طفل أو عبد غير مأذون له فى التجارة أو تبين أن الذى يختصمان عليه حرام أو لقطة أو ضالة أو مات المدعى عليه أو تجنن أو تبين له أنه ممن لا يجوز عليه الحكم فلا يحكم فى هذه الوجوه كلها.
وان هرب المدعى عليه حين وجب عليه الحكم فانه يحكم عليه ولا يشتغل بهروبه (١).
ولا تجوز الحكومة لغائب ولا على غائب اذا لم تكن له الخليفة على ذلك فان كانت له الخليفة فانه يحكم له ويحكم عليه، ولا يقر الحاكم للبينة أو يسمعها الا بمحضر المشهود عليه وقيل الا ببينة الوكالة والنسب فيجوز فيها ذلك بلا محضر منه،
وقيل يجوز فى الوكالة فقط، فاذا كان الخصم حاضرا فى بلد القاضى أرسل اليه أحد خدامه ليرفعه لمجلس الحكم ان أبى وان كان على يسير الاميال كفى فيه الكتب وان بعد أو كان الخوف أمر من يلى أمر بلد هو فيه أن يصلح بينهما أو يعزم على المطلوب فى الوصول الى محل الحكم وذلك كله مع مخائل صدق المدعى لعله يريد تعنت المطلوب وقيل يرسل اليه اذا كان فى البلد مطلقا الا أن تبين كذبه واجرة الرسول عندنا من بيت المال وقال قومنا من مال من له الحق.
واذا عصى الأمر فعندنا يضرب أو يسجن.
وقال قومنا كذلك وزادوا أن يطبع عليه ما يهمه فلا ينتفع به ولا يترك اليه حتى يرجع الى الحق.
واستدل بعضهم على الحكم على الغائب باباحة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لهند بنت عتبة أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وعيالها.
ويجاب على ذلك بأنه افتاء على الاطمئنان او بغير ذلك.
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لعلى رضى الله تعالى عنه: اذا حضر الخصمان فلا تقضى لاحدهما حتى تسمع حجة خصمه.
وفى رواية لا تقضى لاحدهما حتى تسمع حجة الآخر ولهذا قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لا تسمع حجة على غائب، ولا يجوز عليه حكم وكان فيما قبل يحكم للمرأة على زوجها وهو غائب.
وقال أصحابنا رحمهم الله تعالى: يجوز الاستماع على الغائب عن نصره والممتنع عن الحكم والحضور الى مجلس الحاكم وانفاذ الحكم عليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البينة على المدعى» ففى جعلها على المدعى دلالة على أنه اذا أحضرها حكم بها
(١) المرجع السابق ج ٦ ص ٥٧٩، ٥٨٠ نفس الطبعة.